فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٧٠
الشخص عن رحمه لفسقهم وعتوهم وعنادهم. (م) في الأدب (عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو فيه متابع للطبري حيث عزاه مسلم خاصة، قال المناوي: وليس بصحيح فقد ذكره الحميدي وغيره فيما اتفق عليه الشيخان.
4520 - (الرحم شجنة من الرحمن) أي اشتق اسمها من اسم الرحمن كما بينه الخبر القدسي أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فكأنها مشتبكة به اشتباك العروق أو هي اسم اشتق من رحمة الرحمن أو أثر من آثار رحمته فقاطعها منقطع عن رحمة الله (قال الله من وصلك) بالكسر خطابا للرحم (وصلته) أي رحمه (ومن قطعك قطعته) أي أعرضت عنه لإعراضه عما أمر به من شدة اعتنائه برحمه وهذا تحذير شديد من قطعها والمراد بها القرابة من الأبوين وإن بعدت ولم تكن محرما (تنبيه) قال القونوي: الرحم اسم خفيفة الطبيعة والطبيعة عبارة عن حقيقة جامعة بين الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة بمعنى أنها عين كل واحدة من الأربعة بغير مضادة وليس كل واحد من الأربعة من كل وجه عينها بل من بعض الوجوه وأما إنها معلقة بالعرش فلأن جميع الأجسام الموجودة عند المحققين طبيعية والعرش أولها وأما إنها شجنة من الرحمن فلأن الرحمة نفس الوجود لأنها التي وسعت كل شئ فإنه وسع كل شئ حتى المسمى بالعدم فإن له من حيث تعينه في التعقل والحكم عليه بأنه في مقابلة الوجود المحقق ضربا من الوجود ثم إن الرحمة لما كانت اسما للوجود كالرحمن اسم للحق وأما كونها شجنة من الرحمن فلأن الموجودات تنقسم إلى ظاهر وباطن فالأجسام صور ظاهر الوجود والأرواح المعاني تعينات باطن الوجود والعرش مقام الانقسام وأما استعاذتها من القطيعة فلأن شعورها بالتحيز الذي عرض لها من عالم الأرواح وخص النفس الرحمني الذي هو مقام القرب التام الرباني فتألمت من حالة البعد بعد القرب وخافت من انقطاع الإمداد الرباني بسبب الفصل الذي شعرت به فنبهها الحق في عين إجابته لدعائها على استمرار الإمداد ودوام الوصلة من حيث المعية والحيطة الإلهيتين فسرت بذلك واطمأنت واستبشرت بإجابة الحق لها في عين ما سألت وصلتها بمعرفة مكانتها وتفخيم قدرها وقطعها بازدرائها والجهل بمكانها وبخسها حقها فمن ازدراها أو بخسها فقد بخس حق الله وجهل ما أودع فيها من خواص الأسماء ولولا علي مكانتها عنده تعالى لم يخبرها حال الإجابة بقوله من وصلك إلخ من جملة الازدراء والقطع ذم متأخري الحكماء لها ووصفها بالظلمة والكدورة وطلب الخلاص من أحكامها والانسلاخ من صفاتها فلو علموا أن ذلك متعذر وأن كل كما يحصل للإنسان بعد مفارقة النشأة الطبيعية فهو من نتائج مصاحبة الروح للمزاج الطبيعي وثمراته وأن الإنسان بعد المفارقة إنما تنتقل من صور الطبيعة إلى العوالم التي هي مظاهر لطائفها وفي تلك العوالم تتأتى لعموم السعداء رؤية لحق الموعود بها والمخبر عنها أنها أعظم نعم الله على أهل الجنة فحقيقة تتوقف مشاهدة الحق عليه كيف يجوز أن تزدري وأما حال الخصوص من أهل الله فإنهم وإن فازوا بشهود الحق ومعرفته هنا فإنه إنما تيسر لهم ذلك بمعونة هذه النشأة الطبيعية
(٧٠)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست