فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٤
أضاف الحكم إلى الشيطان في الحديث المتقدم وذكر في هذا الحديث خمسة وعشرين وقبله سبعين وقبله ستة وأربعين وأشار الغزالي إلى أن الاختلاف يرجع إلى اختلاف درجات الرؤية والرائي قال: ولا تظن أن تقدير النبي صلى الله عليه وسلم جرى على لسانه جزافا واتفاقا بل لا ينطق إلا بحقيقة الحق فإنه لا ينطق عن الهوى فهو تقدير تحقيق لكن ليس في قوة غيره معرفة علة ذلك النسبة إلا بتخمين إذ يعلم أن النبوة عبارة عما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم ويفارق به غيره وهو يختص بأنواع من الخواص: إحداها أنه يعرف حقائق الأمور المتعلقة بالله وصفاته وملائكته والدار الآخرة علما مخالفا لعلم غيره بكثرة المعلومات وزيادة الكشف والتحقيق، والثاني أن له في نفسه صفة تتم له بها الأفعال الخارقة للعادة كما أن له صفة تتم بها الحركات المقرونة بإرادتنا وهي القدرة، الثالث أن له صفة بها يبصر الملائكة ويشاهدهم كما أن للبصير صفة يفارق بها الأعمى، الرابع أن له صفة بها يدرك ما سيكون في الغيب فهذه كمالات وصفات ينقسم كل منها إلى أربعة وخمسين وسبعين ويمكننا تكلف قسمتها إلى ستة وأربعين بحيث تقع الرؤيا جزءا من جملتها لكن تعين طريق واحد للقسمة لا يمكن إلا بظن اه‍.
وقال ابن حجر: يمكن الحواب عن اختلاف الأعداد بأنه بحسب الوقت الذي حدث فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك كأن يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجئ الوحي إليه حدث بأن الرؤيا من ستة وعشرين إن ثبت الخبر به وذلك وقت الهجرة ولما أكمل عشرين حدث بأربعين واثنين وعشرين حدث بأربعة وأربعين ثم بخمسة وأربعين ثم بستة وأربعين في آخر حياته وما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين فضعيف ورواية الخمسين يحتمل جبر الكسر ورواية السبعين للمبالغة وما عدا ذلك لم يثبت وقد مر ذلك مبينا. (ابن النجار) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب.
4501 - (الرؤيا ستة: المرأة خير والبعير حرب) وفي رواية حزن (واللبن فطرة) أي يدل على السنة والعلم والقرآن لأنه أول شئ يناله المولود من طعام الدنيا وهو الذي يقوته ويفتق أمعاءه وبه تقوم حياته كما يقوم بالعلم حياة القلوب وقد يدل على الحياة لأنها كانت به في الصغر وقال ابن الدقاق: اللبن يدل على ظهور الإسلام والعلم والتوحيد وهذا في اللبن الحليب: أما الرايب فهم.
والمخيض أشد غلبة منه ولبن ما لا يؤكل حرام وديون وأمراض ومخاوف على قدر جوهر الحيوان، وقال بعضهم: أراد باللبن هنا لبن الإبل والبقر والغنم ولبن الوحش شك في الدين ولبن السباع غير محمود، لكن لبن اللبؤة مال مع عداوة. وقال بعضهم: لبن اللبؤة يدل على الظفر بالعدو، ولبن الكلب يدل على الخوف ولبن السنور والثعلب يدل على مرض ولبن النمر يدل على عداوة (والخضرة جنة والسفينة نجاة والتمر رزق) يعني أن هذه الأشياء إذا رؤيت في النوم تؤول بما ذكر.
(تنبيه) قال ابن بطال: بعض الرؤيات لا يحتاج إلى تفسير وما فسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة وفيه أن أصل التعبير من الأنبياء وأنه توقيف لكن الوارد عنهم وإن كان أصلا فلا يعم جميع المرائي فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسب نظره فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ويحكم له
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست