فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٣
والنبوة غير باقية وعلمها باق، فإن قيل: فإذا كان جزءا منها فكيف كان للكافر منها نصيب وهو غير موضع للنبوة، وقد ذكر جالينوس أنه عرض له ورم في المحل الذي يتصل منه بالحجاب فأمره الله بفصد العرق الضارب من كفه اليسرى ففعل فبرأ؟ فالجواب: أن الكافر وإن لم يكن محلا لها فليس كل مؤمن محلا لها ثم لم يمتنع أن يرى المؤمن الذي لا يجوز كونه نبيا ما يعود عليه بخير في دنياه فلا يمتنع أن يرى الكافر مثله فالمرضي فيه أن الرؤيا وإن كانت جزءا من النبوة فليست بانفرادها نبوة كما ليست كل شعبة من شعب الإيمان بانفرادها إيمانا ولا كل جزء من الصلاة بانفرادها صلاة. (خ عن أبي سعيد) الخدري (م عن ابن عمرو) ابن العاص (وعن أبي هريرة) معا (حم ه عن أبي رزين) العقيلي (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن جمع كثيرين قال المصنف وهو متواتر.
4499 - (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة) مجازا لا حقيقة لأن النبوة انقطعت بموته صلى الله عليه وسلم وجزء النبوة لا يكون نبوة كما أن جزء الصلاة ليس بصلاة نعم إن وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة والجزء النصيب والقطعة من الشئ والجمع أجزاء. (حم ه عن ابن عمر) بن الخطاب (حم عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
4500 - (الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة) عبر بالنبوة دون الرسالة لأنها تزيد على النبوة بالتبليغ قال القاضي: والرؤيا الصالحة إعلام وتنبيه من الله تعالى بتوسط الملك فلذلك عدها من أجزاء النبوة وتحقيقه أن النفوس البشرية خلقت بحيث لها بالذات تعلق واتصال بالملك الموكل على عالمنا هذا الموكول إليه تدبير أمره وهو المسمى في هذا الباب بملك الرؤيا لكنها ما دامت مستغرقة في أمر البدن وتدبير معاشها وتدبر أحوالها معوقة عن ذلك فإذا نام وحصل لها أدنى فراغ اتصلت بطباعها فينطبع فيها من المعاني والعلوم الحاصلة من مطالعة اللوح المحفوظ والإلهامات الفائضة عليه من جناب القدس ما هو أليق بها من أحوالها وأحوال ما يقرب من الأهل والولد والمال والتلد وغير ذلك فتحاكيه المتخيلة بصورة جزئية مناسبة إلى الحس المشترك فتنطبع فيه فتصير محسوسة مشاهدة ثم إن كانت تلك المناسبة ظاهرة كانت غنية عن التعبير وإلا افتقرت إليه وهو تحليل تلك المناسبة بالرجوع قهقرى إلى المعنى المتلقى من الملك فأما الرؤيا الكاذبة فسببها الأكثري تخيل فاسد تركبه المتخيلة بسبب أفكار فاسدة اتفقت لها حال اليقظة أو سوء مزاج أو امتلاء ونحو ذلك مما تلفته عن الحس المشترك وقد يكون بسبب استعراض الحس والتفاته إلى بعض المخزونات الخيالية المرتسمة في الخيال من مشاهدة المحسوسات حال اليقظة ولما كان للشيطان دخل في هذه الأقسام لتولدها من الاستغراق أمر البدن والانهماك في الشهوات والإعراض الكلي عن عالم الملكوت والاعتناء بأمره
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست