قال تعالى: * (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) * ومن ثم قالوا: الإنسان موسوم بسيما من يقارن ومنسوب إليه أفاعيل من صاحب. وقال علي كرم الله وجهه: الصاحب مناسب، ما شئ أدل على شئ ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب. وقال بعض الحكماء: اعرف أخاك بأخيه قبلك وقال آخر: يظن بالمرء لا يظن بقرينه قال عدي:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي فمقصود الحديث التحرز من أخلاء السوء وتجانب صحبة الريب ليكون موفور العرض سليم العيب فلا يلام بلائمة غيره (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس).
2891 (إياك والسمر بعد هدأة) بفتح وسكون (الرجل) بكسر الراء وسكون الجيم وفي رواية الليل بدل الرجل ذكره المصنف على حاشية نسخته (1) (فإنكم لا تدرون ما يأتي الله تعالى في خلقه) (ك) في الأدب (عن جابر) وقال: على شرط مسلم وأقره الذهبي.
(1) ومراده النهي عن التحدث بعد سكون الناس وأخذهم مضاجعهم ثم علل ذلك بقوله: فإنكم.
2892 (إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين) لأن التنعم بالمباح وإن كان جائزا لكنه يوجب الأنس به ثم إن هذا محمول على المبالغة في التنعم والمداومة على قصده فلا ينافيه ما ورد في المستدرك وغيره أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أهديت له حلة اشتريت بثلاثة وثلاثين بعيرا وناقة فلبسها مرة على أنه وإن داوم على ذلك فليس غيره مثله فإن المعصوم واقف على حدود المباح فلا يحمله ذلك على ما يخاف غائلته من نحو بطر وأشر ومداهنة وتجاوز إلى مكروه ونحو ذلك وأما غيره فعاجز عن ذلك فالتفريج على تنعمه بالمباح خطر عظيم لإبعاده عن الخوف قال العارف الجنيد: دخلت على العارف السري وهو يبكي فسألته فقال: جاءته البارحة الصبية فقالت: يا أبت هذا الكوز أعلقه لك يبرد فنمت فرأيت جارية من أحسن الخلق نزلت من السماء فقلت: لمن أنت قالت: لمن لا يشرب الماء المبرد فكسرت الكوز (حم هب عن معاذ) قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والبيهقي: رواة أحمد ثقات.
2893 (إياك والحلوب) أي احذر ذبح شاة ذات لبن فعولة بمعنى مفعولة يقال: ناقة حلوب أي هي مما يحلب قاله لأبي التيهان الأنصاري لما أضافه فأخذ الشفرة وذهب ليذبح له وفيه قصة طويلة