فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٤٩
حديث قال الهيثمي: فيه شهر بن حوشب وثقه غير واحد وضعف وبقية رجال أحد إسناديه رجال الصحيح.
2886 (ألا) قال القاضي: حرف تنبيه يؤكد بها الجملة المصدرة بها (أنبئكم بخير أعمالكم) أي أفضلها (وأزكاها عند مليككم) أي أنماها وأطهرها عند ربكم ومالكم (وأرفعها في درجاتكم) أي منازلكم في الجنة (وخير لكم من إنفاق الذهب) قال الطيبي: مجرور عطف على خير أعمالكم من حيث المعنى لأن المعنى ألا أنبئكم بما هو خير لكم من بذل أموالكم ونفوسكم (والورق) بكسر الراء الفضة (وخير لكم من أن تلقوا عدوكم) يعني الكفار (فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم) يعني تقتلوهم ويقتلونكم بسيف أو غيره (ذكر الله) لأن سائر العبادات من الإنفاق ومقاتلة العدو وسائل ووسائط يتقرب بها إلى الله تعالى والذكر هو المقصود الأسنى ورأس الذكر قول لا إله إلا الله وهي الكلمة العليا وهي القطب الذي يدور عليه رحى الإسلام والقاعدة التي بني عليها أركان الدين والشعبة التي هي أعلى شعب الإيمان بل هي الكل وليس غيره * (قل إنما يوحى إلي أنما الهكم إله واحد) * أي الوحي مقصور على استئثار الله بالوحدانية لأن القصد الأعظم من الوحي التوحيد * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله) * ولأمر ما تجد العارفين يؤثرونها على جميع الأذكار لما فيها من الخواص التي لا طريق إلى معرفتها إلا الوجدان والذوق قالوا: وهذا محمول على أن الذكر كان أفضل للمخاطبين به ولو خوطب به شجاع باسل حصل به نفع الإسلام في القتال لقيل له الجهاد، أو الغنى الذي ينتفع به الفقراء بماله قيل له الصدقة، والقادر على الحج قيل له الحج، أو من له أصلان قيل له برهما وبه يحصل التوفيق بين الأخبار وقال ابن حجر: المراد بالذكر هنا الذكر الكامل وهو ما اجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالشكر واستحضار عظمة الرب وهذا لا يعدله شئ وأفضل الجهاد وغيره إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد وهذا الحديث يقتضي أن الذكر أفضل من تلاوة القرآن وقضية الحديث المار وهو قوله أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن يقتضي عكسه فوقع التعارض بينهما وجمع الغزالي بأن القرآن أفضل لعموم الخلق والذكر أفضل للذاهب إلى الله في جميع أحواله في بدايته ونهايته فإن القرآن مشتمل على صنوف المعارف والأحوال والإرشاد إلى الطريق فما دام العبد مفتقرا إلى تهذيب الأخلاق وتحصيل المعارف فالقرآن أولى له فإن جاوز ذلك واستولى الذكر على قلبه فمداومة الذكر أولى به فإن القرآن يجاذب خاطره ويسرح به في رياض الجنة والذاهب إلى الله لا ينبغي أن يلتفت إلى الجنة بل يجعل همه هما واحدا وذكره ذكرا واحدا ليدرك درجة الفناء والاستغراق ولذلك قال تعالى: * (ولذكر الله أكبر) *. (تنبيه) أخذ ابن الحاج من ذلك ترك طلب الدنيا أعظم عند الله من أخذها
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست