(فأعطوا) بهمزة قطع (الطريق حقها) أي وفوها حقوقها الموظفة على الجالس فيها قالوا: يا رسول الله وما حق الطريق قال: (غض) وفي رواية لأحمد غضوض قال أبو البقاء: جمع غض وجاز أن يجمع المصدر هنا لتعدد فاعليه ولاختلافه قال: ويجوز أن يكون واحدا كالقعود والجلوس (البصر) أي كفه عن النظر إلى المحرم (وكف الأذى) أي الامتناع مما يؤذي المارة من نحو إزراء وغيبة (ورد السلام) على المسلم من المارة إكراما له (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإن ظن أن ذلك لا يفيد أي ونحو ذلك كإغاثة ملهوف وتشميت عاطس وإفشاء سلام وغير ذلك من كل ما ندبه الشرع من المحسنات ونهى عنه من المقبحات وزاد أبو داود وإرشاد السبيل والطبراني وإغاثة الملهوف، والنهي للتنزيه لئلا يضعف الجالس عن أداء هذه الحقوق واحتج به من قال إن سد الذرائع أولوي لا لزومي لأنه أولا نهى عن الجلوس حسما للمادة فلما قالوا لا بد لنا منه فسح لهم فيه بشرط أن يعطوا الطريق حقها (حم د ق عن أبي سعيد) الخدري قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة وغيره.
2901 (إياكم والظن) أي احذروا اتباع الظن واحذروا سوء الظن بمن لا يساء الظن به من العدول والظن تهمة تقع في القلب بلا دليل قال الغزالي: وهو حرام كسوء القول لكن لست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء أما الخواطر وحديث النفس فعفو بل الشك عفو أيضا فالمنهي عنه أن تظن والظن عبارة عما تركن إليه النفس ويميل إليه القلب وسبب تحريمه أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل فعند ذلك لا تعتقد إلا ما علمته وشاهدته فلم تشاهده ولم تسمعه ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك فينبغي أن تكذب فإنه أفسق الفساق انتهى وقال العارف زروق: إنما ينشأ الظن الخبيث عن القلب الخبيث لا في جانب الحق ولا في جانب الخلق كما قيل:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم وعادى محبيه بقول عدوه * وأصبح في ليل من الشك مظلم (فإن الظن) أقام المظهر مقام المضمر إذ القياس فإنه لزيادة تمكن المسند إليه في ذكر السامع حث على الاجتناب (أكذب الحديث) أي حديث النفس لأنه يكون بإلقاء الشيطان في نفس الإنسان واستشكل تسمية الظن حديثا وأجيب بأن المراد عدم مطابقته الواقع قولا أو غيره أو ما ينشأ عن الظن فوصف الظن به مجازا. قال الغزالي: من مكائد الشيطان سوء الظن بالمسلمين * (إن بعض الظن إثم) * ومن حكم بشئ على غيره بالظن بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه أو ينظر إليه بعين الاحتقار ويرى نفسه خيرا منه وكل ذلك من المهلكات ولذلك منع الشرع من التعرض للتهم. (تنبيه) قال الراغب: الظن إصابة بضرب من