فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٧
لو كان حبك صادقا لأطعته * * * إن المحب لمن يحب مطيع وكذا من أبغض في الله أبغض أعداءه، وبذل جهده في مجاهدتهم بالبنان واللسان. قال ابن رسلان: وفيه أنه يجب أن يكون للإنسان أعداء يبغضهم في الله كما له أصدقاء يحبهم في الله تعالى (د عن أبي ذر) قال الصدر المناوي: وفيه رجل مجهول.
1242 - (أفضل الأيام) أي أيام الأسبوع. قال أبو البقاء: أصل أيام أيوام اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها (عند الله) العندية للتشريف (يوم الجمعة) لما له من الفضائل التي لم تجتمع لغيره فمنها أن فيه ساعة محققة الإجابة وموافقته يوم وقفة المصطفى صلى الله عليه وسلم واجتماع الخلائق فيه في الأقطار للخطبة والصلاة، ولأنه يوم عيد كما في الخبر لموافقته يوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة، ومن ثم شرع الاجتماع فيه والخطبة ليذكروا المبدأ والمعاد والجنة والنار ولهذا سن في فجره قراءة سورتي السجدة وهل أتى، لاشتمالهما على ما كان ويكون في ذلك اليوم من خلق آدم والمبدأ والمعاد، ولأن الطاعة الواقعة فيه أفضل منها في سائر الأيام حتى أن أهل الفجور يحترمون يومه وليلته ولموافقته يوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجتمع فيه أهلها على كثبان المسك فلهذه الوجوه فضلت وقفة الجمعة على غيره، لكن ما استفاض أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة باطل لا أصل له كما بينه بعض الحفاظ، ثم الكلام في أفضل أيام الأسبوع، أما أفضل أيام العام فعرفة والنحر وأفضلهما عند الشافعي عرفة لأن صيامه يكفر سنتين وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه فيه، ولأن الحق سبحانه يباهي ملائكته بأهل الموقف، وقيل الأفضل يوم النحر ففيه التضرع والتوبة وفي النحر الوفادة والزيادة (هب عن أبي هريرة) إسناده حسن.
1243 - (أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت) فإن من علم ذلك استوت سريرته وعلانيته، فهابه في كل مكان واستحى منه في كل زمان والهيبة والحياء وثاقان لنفس العبد من كل ما ذكره الله سرا وجهرا، وبطنا وظهرا، فالنفس في هذه الأحوال الأربع تخشع لهيبته، وتذل وتخمد شهواتها وتقل حركاتها، فإذا كان من الله لعبده تأييد بهذين فقد استقام والمراد بذلك علم القلب، لا علم اللسان. فقد علم الموحدون أن الله معهم بالنص القرآني: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * الآية [المجادلة: 7] لأن الإيمان شهادة القلب لأنه سبحانه حي قائم موجود وإله واحد معبود فهذا هو الإيمان العام الذي من سلبه غير مؤمن. ثم لشهود القلب مراتب ومن أفضلها شهوده لله في كل مكان يكون فيه العبد على أي حال كان من خلاء وملاء، وسراء وضراء. ونعيم وبؤس، وطاعة وعصيان، فيكون في حال الخلاء مستحيا وفي هذا الملاء متوكلا، وفي السراء حامدا وفي الضراء راضيا، وفي الغنى بالإفضال، وفي الإفلال بالصبر، وفي الطاعة بالإخلاص، وفي المعصية بطلب الخلاص (طب حل) من حديث نعيم بن حماد عن عثمان بن كثير عن محمد بن مهاجر عن عمرة عن
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»