فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٨
الأصل للمتطوع به، والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة إذا تحرى الصدق في فعله (ما كان عن ظهر غنى)، أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى، فزاد لفظ ظهرا إشباعا للكلام وتمكينا، وقيل هذا عبارة عن تمكن المتصدق عن غنى ما، كقولهم هو على ظهر سير أي متمكن منه وتنكير غنى ليفيد أنه لا بد للمتصدق من غنى ما، إما غنى النفس وهو الاستغناء عما بذل بسخاء نفس ثقة بالله كما كان للصديق، وإما غنى مال حاصل في يده، والأول أفضل اليسارين للخبر الآتي: ليس الغنى عن كثرة المال والعرض، وإلا لما ندب له التصدق بجميع ماله ويترك نفسه وعياله في الجوع والشدة (واليد العليا) المعطية وقيل المتعففة (خير من السفلى) أي الآخذة، ومحصول ما في الآثار إعلاء الأيدي المنفقة ثم المتعففة عن الأخذ، ثم الآخذة بلا سؤال وأسفل الأيدي المانعة والسائلة، وقد تقرر أنه لا تدافع بين ذا وما قبله لأن في الصابرين على الإضافة المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة والثاني فيمن ليس كذلك (وابدأ بمن تعول) قال الطيبي: يشمل النفقة على العيال وصدقتي الواجب والتطوع وأن يكون ذلك الإنفاق من الربح لا من صلب المال فعليه كان الظاهر أن يؤتى بألف فعدل إلى الواو ومن الجملة الإخبارية إلى الإنشائية تفويضا للترتيب إلى الذهن واهتماما بشأن الانفاق، وفيه أن تبقية بعض المال أفضل من التصدق بكله ليرجع كلا على الناس إلا لأهل اليقين كالصديق وأضرابه ومحصوله أن الفضيلة تتفاوت بحسب الأشخاص وقوة التوكل وضعف اليقين كما مر. تنبيه: قال الزمخشري: أصل العليا اسم لمكان مرتفع، وليست بتأنيث الأعلى بدليل انقلاب الواو ياء ولو كانت صفة لقيل العلوي كالعشوى والقنوى والحذري في تأنيث فعالها، ولأنها استعملت منكرة، وأفعل التفضيل ومؤنثه ليسا كذلك (حم م ن عن حكيم بن حزام) ولد في جوف الكعبة وعاش مائة وعشرين سنة: ستين في الجاهلية وستين في الإسلام القرشي الشريف جاهلية وإسلاما.
1261 - (أفضل الصدقة سقي الماء) لمعصوم محتاج، وفسره في رواية الطبراني بأن يحمله إليهم إذا غابوا ويكفيهم إياه إذا حضروا، وقال الهيثمي: إن رجال هذه الرواية رجال الصحيح، ولا عطر بعد عروس، وزاد أعني الطبراني في رواية أخرى سندها مجهول بعد قوله سقي الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة * (أفيضوا علينا من الماء) * [الأعراف: 50] قال الطيبي: وإنما كان أفضل لأنه أعم نفعا في الأجور الدينية والدنيوية ولذلك امتن الله علينا بقوله: * (وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه) * [الفرقان: 48] الآية. وإنما وصف الماء بالطهور ليشير إلى أن الغرض أنه أصل في الأثر أي إزالة الموانع من العبادة وباقي الأغراض تابعة اه‍. وأقول محل أفضليته التصدق به على غيره إذا عظمت الحاجة إليه كما هو الغالب في قطر الحجاز لقلة المياه فيه، ومثله الطريق إليه للحجاج ونحو ذلك، وإلا فالتصدق بنحو الخبز أفضل منه سيما زمن الغلاء والمجاعة (حم ن ده حب ك عن سعد بن عبادة) بضم المهملة السيد الجواد الرئيس قال للمصطفى صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أي الصدقة أعجب إليك؟ فذكره (ع عن ابن عباس) قال: قال سعد يا رسول الله: ماتت أم سعد، فأي الصدقة أفضل؟ فذكره فحفر بئرا فقال هذه لأم سعد.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»