فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤١
بالتلبية وصب دماء الهدي كذا في الكشاف. قال الطيبي: أراد بهما الاستيعاب فبدأ بالإحرام الذي هو الإهلال، وانتهى بالتحلل الذي هو إهراق دم الهدي فاكتفى بالمبتدأ والمنتهى عن سائر أعماله: يعني أفضل الحج ما استوعب جميع أعماله من أركان وشروط ومندوبات. قال ابن عبد السلام: وأفضل أركان الحج الطواف فهو أفضل من الوقوف لشبهه بالصلاة، والعج رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقة الدم وكل سائل، لكن سائل الحج هو الدم كما في العارضة (ت) في التفسير (عن ابن عمر) بن الخطاب، وفيه الضحاك بن عثمان قال أبو زرعة: ليس بقوي ووثقه ابن معين (ه ك) في الحج (هق) كلهم (عن أبي بكر) الصديق وصححه الحاكم، وأقره الذهبي في التلخيص وإنه لشئ عجاب، مع أن فيه يعقوب بن محمد الزهري أورده هو - أعني الذهبي - في الضعفاء، وقال: ضعفه أبو زرعة وغير واحد، وفيه أيضا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أورده في ذيل الضعفاء وقال ثقة مشهور قال ابن سعيد: ليس بحجة (ع عن ابن مسعود) قال: سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي الحج أفضل؟ فذكره، واستغربه الترمذي وهو معلول من طرقه الثلاثة قال ابن حجر: حديث ابن ماجة عن ابن عمر فيه إبراهيم بن يزيد الجوزي وحديث الحاكم عن أبي بكر فيه انقطاع بين ابن المنكدر وعبد الرحمن بن يربوع، نبه عليه الترمذي وحديث أبي يعلى عن ابن مسعود فيه الواقدي اه‍.
1249 - (أفضل الحسنات) المتعلقة بحسن المعاشرة (تكرمة الجلساء) تفعلة من الكرامة، ومن جملتها بسط الرداء والوسادة وإنما يكون من أفضل الحسنات إذا نويت امتثال الأمر، الموالاة لله وفي الله فإنها من أوثق عرى الإيمان ومن تكرمة الجليس الإصغاء لحديثه كابن أبي رباح كان إذا حدثه شخص بحديث وهو يعلمه أصغى إليه إصغاء من لم يسمعه قط لئلا يخجل جليسه. قال حجة الإسلام: فيندب إكرام الصاحب والجليس ندبا مؤكدا، وفيه إشارة إلى وصية آداب الصحبة، فمنها كتمان السر وستر العيوب والسكوت عن تبليغ ما يسوءه من مذمة الناس إياه وإبلاغ ما يسره من ثناء الناس عليه وحسن الإصغاء عند الحديث وترك المراء فيه، وأن يدعوه بأحب أسمائه إليه، وأن يثني عليه بما يعرف من محاسنه ويشكره على صنيعه في حقه، ويذب عنه في غيبته وينهض معه في حوائجه من غير إحواج إلى التماس وينصحه باللطف والتعريض إن احتيج. ويعفو عن زلته وهفوته ولا يعيبه ويدعو له في الخلوة في حياته ومماته ويؤثر التحقيق عنه وينظر إلى حاجاته ويروح قلبه في مهماته ويظهر الفرح بما يسره، والحزن بما يضره ويضمر مثل ما يظهره فيه ليكون صادقا في وده سرا وعلنا ويبدأه بالسلام عند إقباله ويوسع له في المجلس، ويخرج له من مكانه، ويشيعه عند قيامه، ويصمت عند كلامه حتى يفرغ من خطابه. وبالجملة يعامله بما يحب أن يعامل به اه‍. وقال غيره: المجالسة وإكرام الجلساء أن يوسع للجليس ويقبل عليه ويصغي لحديثه ويتمكن من الجلوس معه غير مستوفز ولا يعبث بلحيته ولا خاتمه
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»