فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
إليهما وتارة بحسب متعلقاتهما وتارة بحسب ثمراتهما وتارة بأمر عرضي لهما، ويجمع ذلك أنه قد يكون لأمر ذاتي وقد يكون لأمر عرضي فإذا حاولنا الكلام في التفضيل فلا بد من استحضار هذه المقدمة فتدبرها فلا بد من ملاحظتها فيما مر وفيما يأتي انتهى. وتحصل المبادرة باشتغاله بأسبابها كطهارة وغيرها أول الوقت ثم يصليها ولا تشترط السرعة خلاف العادة ولا يضر التأخير لقليل أكل، وكلامه شامل للعشاء وهو الأصح عند جمهور الشافعية وذهب كثير منهم إلى ندب تأخيرها إلى ثلث الليل لحديث آخر ومحل ندب التعجيل ما لم يعارضه معارض مما هو مقرر في الفروع (وبر الوالدين) أي طاعتهما والإحسان إليهما فيما لا يخالف الشرع قال العراقي: أخبر أن أفضل حقوق الله الصلاة لوقتها وأفضل حقوق العباد بعضهم على بعض بر الوالدين فهما أحق بالبر من جميع الأقارب (والجهاد في سبيل الله) بالنفس والمال لإعلاء كلمة الله وإظهار شعائر دينه وقدم بر الوالدين لا لكونه أفضل من الجهاد لأن الجهاد وسيلة لإعلاء أعلام الإيمان وفضيلة الوسيلة بحسب فضيلة المتوسل إليه بل لتوقف حله على إذنهما وتوقفه عليه لا يوجب كونه أفضل منه وكم له من نظير أما طاعتهما فيما يخالف الشرع فليست من البر بل من الإثم فيجب على الإنسان أن يقاطع في دينه من كان به برا وعليه مشفقا. هذا أبو عبيدة بن الجراح له المنزلة العالية في الفضل والأثر المشهور في الإسلام قتل أباه يوم بدر وأتى برأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم طاعة لله ورسوله حين بقي على ضلاله، وانهمك في طغيانه ولم يعطفه عليه رحم ولا كفه عنه إشفاق وإنما خص هذه الثلاثة بالذكر لكونها عنوان على ما سواها من الطاعات، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها أضيع فمن أهمل الصلاة مع كونها عماد الدين فهو لغيرها أهمل ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا، ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عدوانهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك (خط، عن أنس) رمز المصنف لضعفه.
1236 - (أفضل الأعمال)، أي من أفضلها، أي بعد الفرائض كما ذكره في الحديث المار والمراد الأعمال التي يفعلها المؤمن مع إخوانه (أن تدخل) أي إدخالك (على أخيك المؤمن) أي أخيك في الإيمان وإن لم يكن من النسب (سرورا) أي سببا لا نشرا صدره من جهة الدين والدنيا (أو تقضي) تؤدي (عنه دينا) لزمه أداؤه لما فيه من تفريج الكرب وإزالة الذل (أو تطعمه) ولو (خبزا) فما فوقه من نحو اللحم أفضل، وإنما خص الخبز لعموم تيسر وجوده حتى لا يبقى للمرء عذر في ترك الإفضال على الأخوان والأفضل إطعامه ما يشتهيه لقوله في الحديث الآتي: من أطعم أخاه المسلم شهوته والمراد بالمؤمن المعصوم الذي يستحب إطعامه فإن كان مضطرا وجب إطعامه ولا يخفى أن قضاء الدين وإطعام الجائع من جملة إدخال السرور على المديون والجائع فهو عطف خاص على عام اللاهتمام. قيل لابن المنكدر ما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان (ابن أبي الدنيا) أبو بكر واسمه يحيى (في) كتاب (قضاء الحوائج) أي في الكتاب الذي ألفه في فضل قضاء حوائج الإخوان (هب عن أبي هريرة)
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»