فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٢
واللام بمعنى في أو للاستقبال نحو * (فطلقوهن لعدتهن) * [الطلاق: 1] وأما خبر أسفروا بالفجر فمؤول كما مر (وبر الوالدين) في رواية ثم بدل الواو ووجهه ظاهر، والصلاة أول وقتها أي المحافظة عليها المأمور به في آية * (حافظوا على الصلوات) * [البقرة: 238] والمحافظة تكون بأدائها أول وقتها خوف فوت فضيلتها، وهذا حث على ندب المبادرة وخبر فصلى بي جبريل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله بيان للجواز، واعلم أن الله تعالى قد عظم شأن الوالدين وقرن حقهما بحقه وشركه بواو العطف في قوله * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) * [الاسراء: 23] لأن الله تعالى خلق الولد وصوره وأخرجه إلى الدنيا ضعيفا لا حيلة له ثم قيض له أبويه فتكفلا بتربيته لأنه لا قوام له بنفسه فلم يزالا ير بيانه حتى أو صلاة إلى حد يقوم بنفسه ولو تركاه ونفسه هلك فكانا سبب تمام خلقه ونشأته فالله هو الخالق المصور حقيقة وهما المنشئان له مجازا فلذلك لا يقدر أحد أن يقوم أحد بحق أبويه فإن من كان سبب نشأتك كيف تفي بحقه أو تفي بشكره ولذلك قرن تعالى عقوقهما بالشرك به كما قرن طاعتهما بطاعته ولما كان الشرك لا يغفر عظم قدر العقوق لاقترانه به فمن بر والديه فقد بر ربه لان في برهما بره للاشتراك المتقدم ومن عقهما فقد عقه (م عن ابن مسعود) قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي العمل أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها قلت: ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله.
1234 - (أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها) لأنها أعظم الوصل بين العبد وربه وهي عماد الدين وعصام النبيين مشتملة على ما لم يشتمل عليه غيرها من الكمالات، ولهذا قال بعض أهل الكمال الصلاة طهرة للقلب، واستفتاح لأبواب الغيوب تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار ثم ما أحسن تركيبها وما أبدع ترتيبها، فكما أن الجنة قصورها لبنة من ذهب وأخرى من فضة وملاطها المسك فالصلاة بناؤها لبنة من قراءة ولبنة من ركوع ولبنة من سجود وملاطها التسبيح والتحميد (د ت عن أم فروة) الأنصارية صحابية لها حديث ويقال: هي بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق رمز المصنف لصحته وكأنه ذهل عن قول الصدر المناوي وغيره، فيه عبد الله بن عمر العمري غير قوي. وقد تكلم فيه يحيى من جهة حفظه وعن قول الحافظ ابن حجر رواه أبو داود والترمذي وفي إسناده اضطراب.
1235 - (أفضل الأعمال الصلاة لوقتها). تنبيه: قال ابن الزملكاني: أطلق جمع أن الفضل في الأعمال الصالحة باعتبار كثرة الثواب وليس على إطلاقه بل إن كانت ذات هذا الوصف أو هذا العمل أشرف وأعلا فهو أفضل وقد يخص الله بعض الأعمال من الوعد بما لا يخص به الآخر ترغيبا فيه إما لنفرة النفس عنه أو لمشقته غالبا، فرغب فيه بمزيد الثواب أو لأن غيره مما يكتفى فيه بداعي النفس والثواب عليه فضل فالإنصاف أن المفاضلة تارة تكون بكثرة الثواب وتارة بحسب الوصفين بالنظر
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»