فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦
الغنى يحتمل غنى النفس، بمعنى أنهم يرون أن ما منحوه من تيسر حفظه هو الغنى الحقيقي وأن غني بالمال في جنب ذلك لا عبرة به لأنه غاد ورائح ويحتمل أن حفظه والعمل به يجلب الغنى بالمال (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس).
1221 - (أغنى الناس حفظة القرآن)، والمراد بهم (من جعله الله تعالى في جوفه) أي سهل له حفظه عن ظهر قلب مع العمل به كما تقرر قال أبو إسحاق الدمشقي كنت أمشي بالبادية وحدي فإذا أعييت رفعت صوتي بالقرآن فحمل عني ألم الجوع حتى قطعت مراحل كثيرة (ابن عساكر) تاريخه أيضا (عن أبي ذر) الغفاري.
1222 - (افتتحت) وفي رواية لعلي فتحت بلا ألف (القرى بالسيف) أي بالقتال به (وافتتحت المدينة) طيبة (بالقرآن) لأن الجهاد كما يكون تكلف الأسباب والعدد والآلات المتعبة الشاقة يكون بتعلق القلوب بكلام علام الغيوب فجمع الله لرسوله بين الأمرين وخصه بالجمع بين الجهادين الظاهر والباطن دعاء الأنصار إلى الله ليلة العقبة وتلي عليهم القرآن تلاوة بجمع همة وتوجه تام فانجذبت قلوبهم وانصدعت لهيبته فدخلوا في الدين طوعا بل قهرا فلما رجعوا إلى قومهم بالمدينة سرى ذلك السر إليهم فآمنوا قبل أن يعاينوه فأعظم بها من منقبة للأنصار (هب). من حديث الحسن بن محمد ابن زبالة عن مالك عن هشام عن أبيه (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وهو زلل، فقد قال الذهبي، قال أحمد: هذا حديث منكر، إنما هذا من قول مالك، وقد رأيت هذا الشيخ يعني ابن زبالة وكان كذابا انتهى، وقال في الضعفاء قال ابن معين وأبو داود هو كذاب وفي الميزان هذا منكر وقال ابن حجر في اللسان: إن هذا حديث معروف بمحمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك متهم وفي المطالب العالية تفرد برفعه محمد بن الحسن بن زبالة وكان ضعيفا جدا وإنما هو قول مالك فجعله ابن الحسن مرفوعا وأبرز له إسنادا انتهى والحديث أورده ابن الجوزي من حديث أبي يعلى عن عائشة وحكم بوضعه وتعقبه المؤلف بأن الخطيب رواه بسند هو أصلح طرقه فكان عليه أن يؤثره هنا.
1223 - (افترقت) بكسر الهمزة من الافتراق ضد الاجتماع (اليهود على إحدى) مؤنث واحد (وسبعين فرقة)، بكسر الفاء وهي الطائفة من الناس (وتفرقت) هو بمعنى افترقت فمغايرة التعبير للتفنن (النصارى على اثنتين وسبعين فرقة) معروفة عندهم (وتفرقت أمتي) في الأصول الدينية لا الفروع الفقهية إذ الأولى هي المخصوصة بالذم وأراد بالأمة من تجمعهم دائرة الدعوة من أهل القبلة (على ثلاث وسبعين فرقة) زاد في رواية كلها في النار إلا واحدة زاد في رواية لأحمد وغيره والجماعة، أي
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»