ولذلك حذر منهم وأمر بمتاركتهم في الحديث الماضي بقوله اتركوا الترك ما تركوكم، ثم هذا إخبار عن غيب وقع ولما يرى من إذلال الروم للعرب واستيلائهم على الربع المعمور، وهذا علم من أعلام نبوته، وهو غلبة الروم على أقطار الأرض شرقا وغربا ما بين مسلم وكافر، والخطاب للعرب خاصة أو لجميع أمة الإجابة والأول أقرب (حم عن المستورد) ابن شداد بن عمرو القرشي الصحابي ترك الكوفة ثم مصر. رمز المصنف لحسنه.
1060 - (أشد أمتي لي حبا) تمييز لنسبة أشد (قوم يكونون بعدي يود أحدهم) بيان لشدة حبهم له على طريق الاستئناف (أنه فقد أهله وماله وأنه رآني) حكاية لودادهم مع إفادة معنى التمني، وهذا من معجزاته لأنه إخبار عن غيب. وقد وقع، والكلام فيمن لم يتأهل لرتبة الاجتماع به صلى الله عليه وسلم، وقد وقع لكثير من عظماء الصوفية أنه ارتقى إلى دوام مشاهدته، قال العارف المرسي: والله لو حجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين وقال له رجل يا سيدي صافحني فقد لقيت عبادا وبلادا فلما خرج قال ما الذي أراد بعبادا وبلادا قالوا يريد أنك صافحت عبادا وسلكت بلادا اكتسبت بركاتها وإذا صافحته حصل له منك بركة، فضحك الشيخ وقال والله ما صافحت بهذه اليد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (حم) من حديث رجل من بني أسد (عن أبي ذر) قال الهيتمي ولم يسم التابعي وبقية رجال إحدى الطريقين رجال الصحيح اه. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه.
1061 - (أشد الحرب النساء) أي أشد الجهاد مكابدة عشرة النساء اللاتي لا يستغنى عنهن لأنهن ضعيفات الأبدان بذيئات اللسان عظيمات الكيد والفتن، فإذا خادعهن الرجل والحرب خدعة وصبر على حيلهن وخفي مكرهن كان أشد من ملاقاة الأبطال ومقاساة قتال الرجال * (إن كيدكن عظيم) * وهذا التقرير بناء على أن الرواية حرب براء مهملة وباء موحدة وهو ما وقع لكثيرين وهو الذي في مسودة المصنف بخطه والذي رأيته في عدة نسخ من تاريخ الخطيب وجرى عليه ابن الجوزي وغيره بزاي معجمة ونون، قال ابن الجوزي يعني أشد الحزن حزن النساء. اه. وأنت إذا تأملت السياق ونظم الكلام وتناسبه ترى أن هذا أقعد وهذا كله بناء على أن النساء بكسر النون، وأن المراد إناث بني آدم ولكن رأيت في أصل صحيح مقروء على عدة من المحدثين ومن تاريخ بغداد أنه بفتح النون وعليه فيكون المراد أشد الحزن الحزن المتأخر وهو ما بعد الموت (وأبعد اللقاء) بكسر اللام (الموت) لأن طول الأمل وغلبته على الجبلة الإنسانية يبعد عن لقاء الموت ويمنيه طول الحياة بل ينسيه ذكر الموت رأسا في كثير من الأحيان (وأشد منهما الحاجة إلى الناس) لما في السؤال من الهوان إلى الذل وأعظم منه رده بلا إجابة فهو البلاء العظيم الذي لا يصبر عليه إلا البهيم (خط) في ترجمة مكي