فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٦٨
1064 - (أشربوا) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وكسر الراء (أعينكم من الماء) يعني أعطوها حظها منه بأن توصلوا الماء إلى جميع ظاهرها مع تعهد مؤخرها ومقدمها (عند الوضوء) أي عند غسل الواجب فيه، والمراد الاحتياط في غسلها لئلا يكون بالموق رمص أو نحوه فيمنع وصول الماء، لكن لا يبالغ في ذلك حتى يدخل الماء في باطنها فإنه يورث العمى (ولا تنفضوا أيديكم) من ماء الوضوء (فإنها) أي الأيدي يعني هيئة نفضها بعد غسلها (مراوح الشيطان) أي تشبه مراوحه التي يروح بها على نفسه، جمع مروحة، وهي بالكسر كما في الصحاح ونحوه ما يروح بها، تقول روح عليه بالمروحة وتروح بنفسه وقعد بالمروحة وهو مهب الريح ومقصود التشبيه استقباح النفض والتنفير عن فعله، والحث على تركه، ومن ثم ذهب إلى كراهة النفض في الوضوء والغسل الإمام الرافعي من الشافعية ووجهه بأنه كالتبرى من العبادة لكن ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم فعله. وروى الشيخان عن ميمونة أنها أتته بعد غسله بمنديل فرده وجعل ينفض الماء بيده ولذلك صحح النووي في روضته ومجموعه أنه مباح فعله وتركه سواء وضعف الخبر المشروح، لكن المفتي به ما في تحقيقه ومنهاجه كأصله من أن تركه سنة وفعله خلاف الأولى (ع عد) من حديث البحتري بن عبيد عن أبيه (عن أبي هريرة) والبحتري ضعفه أبو حاتم وتركه غيره وقال ابن عدي روى عن أبيه قدر عشرين حديثا عامتها مناكير هذا منها . أه‍. ومن ثم قال العراقي سنده ضعيف. قال النووي كابن الصلاح لم نجد له أصلا.
1065 - (أشرف المجالس) أي الجلسات التي يجلسها الإنسان لفعل نحو عبادة، ويحتمل إرادة المجالس نفسها (ما استقبل به القبلة) أي الذي يستقبل الإنسان فيه الكعبة بأن يصير وجهه ومقدم بدنه تجاهها، فاستقبال القبلة مطلقا مطلوب، لكنه في الصلاة واجب وخارجها مندوب. قال الحليمي:
وإذا ندب استقبال القبلة في كل مجلس فاستقبالها حال الدعاء أحق وآكد. قال العراقي: الجهات الأربع قد خص منها جهة القبلة بالتشريف، فالعدل أن يستقبل في الذكر والعبادة والوضوء، وأن ينحرف عنها حال قضاء قضاء الحاجة وكشف العورة إظهارا لفضل ما ظهر فضله (طب عن ابن عباس) وسنده ضعيف. قال النووي كابن الصلاح لم نجد له أصلا.
1066 - (أشرف الإيمان) أي من أرفع خصال الإيمان، وكذا يقال فيما بعده (أن يأمنك الناس) أي يأمن منك الناس المعصومون على دمائهم وأموالهم ونسائهم وأعراضهم، فلا تتعرض لهم بمكروه يخالف الشرع، وكل المسلم على المسلم حرام (وأشراف الإسلام أن يسلم الناس من لسانك) فلا تطلقه بما يضرهم (ويدك) فلا تبسطهما بما يؤذيهم (وأشرف الهجرة أن تهجر السيئات) أي تترك فعلها لأن ذلك هو الجهاد الأكبر، فإذا جاهد المكلف نفسه وأذلها وأكرهها على ترك ما ركز فيها وجبلت
(٦٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة