1053 - (أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه) لأن عصيانه عن علم، ولذا كان المنافقون في الدرك الأسفل لكونهم جحدوا بعد العلم، وكان اليهود شرا من النصارى لكونهم أنكروا بعد المعرفة. قال عبد الحق: ومفهوم الحديث أن أعظمهم ثوابا عالم ينفعه علمه. قال الغزالي فالعلم لا يهمل العالم بل يهلكه هلاك الأبد أو يحييه حياة الأبد، فمن لم ينفعه علمه لا ينجو منه رأسا برأس.
هيهات فخطره عظيم وطالبه طالب النعيم المؤبد أو العذاب السرمد لا ينفك عن الملك أو الهلك، فهو كطالب الملك في الدنيا فإن لم تتفق له الإصابة لم يطمع في السلامة، أه. وزعم بعض الصوفية أنه إنما كان أشد الناس عذابا لأن عذابه مضاعف فوق عذاب مفارقة الجسد بقطعه عن اللذات الحسية المألوفة وعدم وصوله إلى ما هو أكمل منها لعدم انفتاح عين بصيرته مع عذاب الجحيم عن مشاهدة الحق تعالى، فعذاب الحجاب إنما يحصل للعلماء الذين تنبهوا للذة لقاء الله في الجملة ولم يتوجهوا إلى تحصيل ذلك واتبعوا الشهوات الحسية المانعة لذلك، وأما غيرهم فلا يعذب هذا العذاب الحجابي الذي هو أعظم من عذاب الجحيم لعدم تصورهم له بالكلية وعدم ذوقهم له رأسا (طس عد هب عن أبي هريرة) وضعفه المنذري، قال ابن حجر: غريب الإسناد والمتن. وجزم الزين العراقي بأن سنده ضعيف. أه. وسببه أن فيه عثمان بن مقسم. قال الذهبي في الضعفاء كذبه غير واحد وأورد الحديث في الميزان في ترجمة عثمان وقال عن الجوزجاني كذاب وعن غيره متروك. وعن ابن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه إسنادا ومتنا، لكن للحديث أصل أصيل، فقد روى الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي والمصورون وعالم لا ينتفع بعلمه، فلو عزاه المؤلف إليه كان أحسن.
1054 - (أشد الناس بلاء) أي محنة. ويطلق على المنحة، لكن المراد هنا بقرينة السياق المحنة، فإن أصله الاختبار، لكن لما كان اختبار الله تعالى لعباده تارة بالمحنة وتارة بالمنحة، أطلق عليهما (الأنبياء) المراد بهم ما يشمل الرسل وذلك لتتضاعف أجورهم وتتكامل فضائلهم ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم ولئلا يفتتن الناس بدوام صحتهم فيعبدوهم (ثم الأمثل فالأمثل) أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى، لأن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر فبلاؤه أشد، ولهذا ضوعف حد الحر على العبد فهم معرضون للمحن والمصائب وطروق المنغصات والمتاعب * (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع) * وقال بعضهم، جعل مقام المبتلى يلي مقام النبوة ولم يفصل بين بلاء الأبدان وبلاء الأعراض. فيشمل كل ما يتأذى به الإنسان. قال الطيبي: وثم للتراخي في الرتبة والفاء للتعاقب على سبيل التوالي تنزلا من الأعلى إلى الأسفل. وقوله