فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥١٨
فإنه يحب العطاس، فإذا ذكر العبد الله وحمده سر الملائكة وأحزن الشيطان لوجوده منها دعاء الملائكة والمؤمنين له بالرحمة والهداية وإصلاح الحال (تتمة) قال بعض العارفين: قال بعض السادة لعاطس قال الحمد لله أتمها كما قال الله رب العالمين، فقال العاطس: ومن العاطس حتى يذكر مع الله؟ فقال له قلها يا أخي فإن المحدث إذا أقرن بالقديم لم يبق له أثر، وهذا مقام الوصلة وحالة زلة أهل الفناء عن أنفسهم، أما لو فنى عن فنائه لما قال الحمد لله لأنه إثبات للعبد، ولو قال رب العالمين كان أرفع من المقام الذي كان فيه، فذلك مقام الوارثين (طب) وكذا الأوسط (عن ابن عباس) قال الهيتمي: فيه عطاء بن السائب، وقد اختلط، وأقول فيه أيضا أبو كريب. قال الذهبي مجهول.
759 - (إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه) أي الجالس معه ولو أجنبيا (فإن زاد) العاطس (على ثلاث) من العطسات (فهو مزكوم) أي به داء الزكام، وهو مرض معروف (ولا يشمت بعد ثلاث) أي لا يدعى له بالدعاء المشروع للعاطس. بل بدعاء يناسبه من جنس دعاء المسلم للمسلم بنحو شفاء وعافية، فمن فهم النهي عن مطلق الدعاء فقد وهم ولذلك قال ابن القيم في قوله وهو مزكوم تنبيه على الدعاء له بالعافية لأن الزكمة علة. وأشار إلى الحث على تدارك هذه العلة ولا يهملها فبعظم أمرها، وكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم كله حكمة ورحمة (تتمة) روى البخاري في الأدب المفرد عن علي: من قال عند عطسة سمعها: الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان: لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا. قال ابن حجر: هو موقوف رجاله ثقات ومثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع، وأخرجه الطبراني عن علي مرفوعا: من بادر العاطس بالحمد عوفي من وجع الخاصرة ولم يشك ضرسه أبدا. وسنده ضعيف (د عن أبي هريرة) رمز لحسنه كذا عزاه المصنف لأبي داود فيما وقفت عليه من النسخ، وقد عزاه في الأذكار لابن السني وقال فيه رجل لم أتحقق حاله وباقي إسناده غير صحيح وعزاه ابن حجر لأبي يعلى وقال فيه سليمان الحراني ضعيف ولم يتعرض إلى تخرجه لأبي داود.
760 - (إذا عظمت) بفتح المهملة وشد المعجمة (أمتي الدنيا) أراد بالدنيا: الدراهم والدنانير كما يصرح به لفظ رواية ابن أبي الدنيا إذا عظمت أمتي الدينار والدرهم. وتعظيمها بالتهافت على تحصيلهما وادخارهما والضنة بهما عن الإنفاق في وجوه القرب (نزعت) بالبناء للمفعول أي نزع الله منها (هيبة الإسلام) لأن من شرط الإسلام تسليم النفس لله عبودية فمن عظم الدنيا أخذت بقلبه فسبته فصار عبدها فلم يقدر على بذل النفس لله لأنه عبد دنياه فلا يملك نفسه فيبذلها. وإذا فسد الباطن ذهبت الهيبة والبهاء لأن الهيبة إنما هي لمن هاب الله. قال في الاختيار: ولا يجتمع تعظيم الدنيا وتعظيم
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة