من السنة، وما يضرهم عما ينفعهم، وما يشقيهم عما يسعدهم، ولا يصبر حتى يسأل منه، بل يتصدى للدعوة بنفسه، لأنهم ورثة الأنبياء، والأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم بل كانوا ينادونهم في مجامعهم ويدورون على دورهم، فإن مرضاء القلوب لا يعرفون مرضهم، فهذا فرض عين على كافة العلماء. اه. وقال في موضع آخر: هذا الحديث فيما إذا كان العالم بينهم فسكت قال: ولا يجوز له الخروج من بينهم حينئذ ولا العزلة (وحكى) أن الأستاذ ابن فورك قصد الانفراد للتعبد، فبينما هو في بعض الجبال سمع صوتا ينادي: يا أبا بكر إذ قد صرت من حجج الله على خلقه، تترك عباد الله، فرجع وكان سبب صحبته للخلق. قال: وذكر لي مأمون بن أحمد أن الأستاذ أبا إسحاق قال لعباد جبل لبنان: يا أكلة الحشيش تركتم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في أيد المبتدعة واشتغلتم ههنا بأكل الحشيش قالوا إنا لا نقوى على صحبة الناس وإنما أعطاك الله قوة فلزم ذلك، فصنف بعده كتابه الجامع بين الجلي والخفي (ابن عساكر) في تاريخه (عن معاذ) بن جبل ورواه عنه أيضا الديلمي بلفظ " إذا ظهرت البدع في أمتي وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله ".
752 - (إذا عاد أحدكم مريضا) أي زاره في مرضه، والمراد المسلم المعصوم (فليقل) في ذهابه له ندبا (اللهم اشف عبدك ينكأ) بفتح الياء المثناة وآخره يهمز ولا يهمز: أي ليخرج ويولم من النكاية بالكسر: القتل والإثخان، وهو مجزوم على أنه جواب الأمر، ويجوز رفعه بتقدير فإنه ينكأ (لك عدوا) من الكفار، وقدمه على ما بعده لعموم نفعه (أو يمشي لك إلى صلاة) وفي رواية إلى جنازة: جمع بين النكاية وتشييع الجنازة، لأن الأول كدح في إنزال العقاب على عدو الله والثاني سعي في إنزال الرحمة.
وعيادة المريض المسلم سنة مؤكدة وأوجبها الظاهرية ولو مرة في مرضه تمسكا بظاهر الأمر في الأخبار (ك عن ابن عمرو) بن العاص، ثم قال على شرط مسلم وأفره الذهبي.
753 - (إذا عاد أحدكم مريضا فلا يأكل عنده شيئا) أي يكره له ذلك (فإنه) إن أكل عنده فهو (حظه من عيادته) أي فلا ثواب له فيها أصلا أو كاملا، إنما ثوابه ما أكل. ويطهر أن في معنى الأكل ماعتيد من إتحاف الزائر بشرب السكر أو الشراب أو اللبن أو القهوة، فينبغي تجنب ذلك للعائد وينقدح اختصاص المنع بغير الأصل في عيادة فرعه، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كما يأتي: أنت ومالك لأبيك (فر عن أمامة) وفيه موسى بن وردان أورده الذهبي في الضعفاء وقال ضعفه ابن معين.
754 - (إذا عرف الغلام) اسم للمولود إلى أن يبلغ (يمينه من شماله) أي ميز هذه من هذه.