وآخر عبده على وجهه، فالسبب خاص والحكم عام، فشمل الحكم إذا ضرب حدا أو تعزير الله أو لآدمي ونحو ولي وسيد وزوج (فليتق) في رواية لمسلم فليتجنب وهي مبينة لمعنى الإتقاء (الوجه) من كل مضروب معصوم وجوبا لأنه شين، ومثله له للطافته وتشريفه على جميع الأعضاء الظاهرة لأنه الأصل في خلقة الإنسان، وغيره من الأعضاء خادم، لأنه الجامع للحواس التي بها تحصل الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة، ولأنه أول الأعضاء في الشخوص والمقابلة والتحدث والقصد، ولأنه مدخل الروح ومخرجه ومقر الجمال والحسن، وبه قوام الحيوان كله ناطقه وصامته فلما كان بهذه المثابة احترمه الشرع وأمر بعدم التعرض له في عدة أخبار بضرب أو إهانة أو تقبيح أو تشويه، ومثل الوجه في عدم الضرب المقاتل لا الرأس كما قال بعض الشافعية، وجاء في رواية لمسلم تعليله بأن الله خلق آدم على صورته أي على صورة المضروب، وقيل الضمير لله بدليل رواية الطبراني بإسناد رجاله ثقات كما قال ابن حجر على صورة الرحمن وفي رواية لابن أبي عاصم عن أبي هريرة مرفوعا " من قاتل فليتجنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ". فيتعين إجراء ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إيراده على ما جاء بغير اعتقاد تشبيه أو تأويله على ما يليق بالرحمن جل وعلا. وفيه أنه يحرم ضرب الوجه وما ألحق به في الحد والتعزير والتأديب. وألحق بالآدمي كل حيوان محترم، أما الحربيون فالضرب في وجوههم أنجح للمقصود وأردع لأهل الجحود (د) في الحدود (عن أبي هريرة) وظاهر صنيع المصنف أنه ليس في أحد الصحيحين، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ بعينه. قال ابن حجر: رواه البخاري بلفظ آخر.
740 - (إذا ضن) بشد النون بضبط المصنف (الناس) أي بخلوا (بالدينار والدرهم) فلم ينفقوها في وجوه البر (وتبايعوا بالعينة) بالكسر، وهي أن تبيع بثمن لأجل ثم يشتريه بأقل، وقال البيهقي:
هي أن يقول المشتري ذا بكذا وأنا أشتريه منك بكذا (وتبعوا أذناب البقر) كناية عن اشتغالهم بالزرع وإهمالهم القيام بوظائف العبادات (وتركوا الجهاد في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله (أدخل الله عليهم ذلا) بالضم، هوانا وضعفا (لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) أي حتى يرجعوا عن ارتكاب هذه الخصال المذمومة وفي جعلها إياها من غير الدين وأن مرتكبها تارك للدين، مزيد زجر وتهويل وتقريع لفاعله وهذا من أقوى أدلة من حرم بيع العينة، خلافا لما عليه الشافعية من قولهم بالكراهة دون التحريم والبطلان. وظاهر صنيع المصنف أن لفظ الحديث عند جميع من عزاه له ما ذكر، ولا كذلك بل لفظ رواية البيهقي في الشعب بدل أدخل أنزل الله عليهم البلاء لا يرفعه إلخ، وإناطة إدخال الذل وإنزال البلاء بوقوع الثلاثة مؤذن بأنهم لو فعلوا بعضها فقط لا يلحقهم الوعيد (حم طب هب عن ابن عمر) بن الخطاب. وفيه أبو بكر بن عياش مختلف فيه.