فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥١١
743 - (إذا طلع الفجر) الصادق (فلا صلاة إلا ركعتي الفجر) أي لا صلاة تندب حينئذ إلا ركعتي الفجر سنة الصبح، لأن سلطان الليل أدبر وأقبل سلطان النهار فيصلي سنته ثم صلاته، وبعده تحرم صلاة لا سبب لها حتى تطلع الشمس كرمح في رأي العين، ويظهر أن مراده بالصلاة قيام الليل، فلو تذكر فائتة بعذر عند طلوع الفجر قدمها (طس عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد أعله الهيتمي وغيره بأن فيه إسماعيل بن قيس وهو ضعيف المتن، لكن قال في الميزان له شواهد من حديث ابن عمر أخرجه الترمذي واستغربه وحسنه، فمن أطلق ضعفه كالهيتمي أراد أنه ضعيف لذاته، ومن أطلق حسنه كالمؤلف أراد أنه حسن لغيره.
744 - (إذا طلعت) وفي نسخ طلع على إرادة النجم (الثريا) أي ظهرت للناظرين عند طلوع الفجر، وذلك في العشر الأوسط من أيار، فليس المراد بطلوعها مجرد ظهورها في الأفق، لأنها تطلع كل يوم وليلة ولكنها لا تظهر للأبصار لقربها من الشمس في نيف وخمسين ليلة من السنة (أمن الزرع من العاهة) أراد أن العاهة تنقطع والصلاح يبدو غالبا، فعند ذلك ينبغي أن تباع الحبوب والثمار وتدخر، فالعبرة في الحقيقة ببدو الصلاح واشتداد الحب، لا بظهورها، وإنما نيط بها الغالب، فإن عاهة الحب والثمر تؤمن بأرض الحجاز عنده (طص عن أبي هريرة) وفيه شعيب بن أيوب الصريفيني وأورده الذهبي في الضعفاء، وقال أبو داود: أخاف الله في الرواية عنه، والنعمان بن ثابت إمام أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي ما يرويه غلط وتصحيف وزيادات، وله أحاديث صالحة.
745 - (إذا طنت) بالتشديد أي صوتت من الطنين، وهو صوت الأذن والطست ونحوه (أذن أحدكم فليذكرني) بأن يقول محمد رسول الله أو نحوه (وليصل علي) أي يقول صلى الله عليه وسلم. قال الزيلعي:
فيه عدم الاكتفاء بالذكر حتى يصلي عليه (وليقل ذكر الله من ذكرني بخير) وذلك لأن الأرواح ذات طهارة ونزاهة ولها سمع وبصر وبصرها متصل ببصر العين، ولها سطوع في الجو تجول وتحول. ثم تصعد إلى مقامها الذي منه بدأت فإذا تخلصت من شغل النفس أدركت من أمر الله ما يعجز عنه البشر فهما، ولولا شغلها رأت العجائب. لكنها تدنست بما تلبست فتوسخت بما تقمصت من ثياب اللذات وتكدرت بما تشربت من كأس حب الخطيئات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له إلى أين؟ قال: إلى سدرة المنتهى. فهو مشتمل هناك يقول رب أمتي أمتي حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى أو الثانية، فطنين الأذن من قبل الروح تجده لخفتها وطهارتها وسطوعها وشوقها إلى المقام الذي فيه المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فإذا طنت الأذن فانظر لما جاءت من الخير، فلذلك قال فليصل علي لأنه ذكره عند الله في ذلك الوقت وطلب منه شيئا استوجب به الصلاة فيصلي عليه إذا لحقه، فلذلك حكم بمشروعية الصلاة عليه عند
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة