فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٠٦
الأمة قد بورك لها في بكورها، وأحق ما طلب العبد رزقه في الوقت الذي بورك له فيه، لكنه لا يذهب إلى طلبه إلا بعد الشمس وقبله يمكث ذاكرا مستغفرا حتى تطلع كما كان يفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم. قال الحراني: والنوم ما وصل من النعاس إلى القلب فغشاه أي ستره في حق من ينام قلبه، وما استغرق الحواس في حق من لا ينام قلبه (طب عن ابن عباس) 733 - (إذا صليتم فارفعوا سبلكم) وفي رواية بن عدي: السبل بسين مهملة وموحدة تحتية أي ثيابكم المسبلة. قال الزمخشري: أسبل الإزار أو سبله والمرأة تسبل ذيلها، والفرس ذنبه، ومن المجاز:
أسبل المطر أرسل دفعة ووقفت على الديار فأسبلت مني عبرتي (فإن كل شئ أصاب الأرض من سبلكم) بأن جاوز الكعبين (فهو في النار) أي فصاحبه في النار أن يكون على صاحبه في النار فتلتهب فيه فيعذب به، والمراد نار الآخرة، وهذا إذا قصد به الفخر والخيلاء (تخ طب هب عن ابن عباس) قال الزين العراقي: فيه عيسى بن قرطاس، قال النسائي: متروك، وابن معين: غير ثقة وقال الهيتمي: فيه عيسى بن قرطاس ضعيف جدا، ونحوه في المطامح. وفي الميزان عن النسائي متروك وعن العقيلي من غلاة الرفض. فرمز المؤلف لحسنه إنما هو لاعتضاده.
734 - (إذا صليتم صلاة الفرض) أي المكتوبات الخمس (فقولوا في عقب كل صلاة) أي في أثرها من غير فاصل أو بحيث ينسب إليها عرفا (عشر مرات) أي متواليات ويحتمل اغتفار الفصل والسكوت اليسيرين (لا إله إلا الله) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة زاعم اشتراك غيره معه وليس قصر قلب إذ لم ينفها عن الله من الكفرة أحد إنما أشركوا معه (وحده) حال مؤكدة بمعنى منفرد في الألوهية (لا شريك) أي لا مشارك (له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير) جملة مؤكدة لما قبلها: أي هو فعال لكل ما يشاء كما يشاء (يكتب له) أي فقائل ذلك يقدر الله له أو يأمر الملك أن يكتب في اللوح المحفوظ أو الصحف (من الأجر كأنما) كأجر من (أعتق رقبة) لما للكلمات المذكورة من مزيد المزية عنده تعالى وحسن القبول لديه، والرقبة أصلها اسم للعضو المخصوص، ثم عبر بها عن الجملة وجعل في التعارف اسما للمملوك كما عبر بالرأس وبالظهر عن المركوب فقيل فلان رابط كذا رأسا وكذا ظهرا، وفيه رد على من زعم أن الدعاء عقب الصلاة لا يشرع تمسكا بما يأتي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لا يثبت إلا المراد بالنفي استمراره جالسا على هيئة بقدر ما يقول ذلك، فقد ورد أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه فيحمل ما ورد من
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة