فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٩٨
715 - (إذا شهر المسلم على أخيه) في النسب أو الدين (سلاحا) أي انتضاه من غمده وهوى إليه به لقتله ظلما (فلا تزال الملائكة تلعنه) أي تدعو عليه بالطرد والبعد عن الرحمة إن استحل ذلك وإلا فالمراد بلعنها إياه سبه وشتمه والدعاء عليه بالإبعاد عن منازل الأبرار (حتى) أي إلى أن (يشيمه) بفتح المثناة تحت وكسر المعجمة أي يغمده والشيم من الأضداد يكون سلا ويكون إغمادا (عنه) وهذا في غير العادل مع الباغي فللإمام وحزبه قتال البغاة بشرطه وفي غير دفع الصائل فللمصول عليه الدفع عن نفسه بالأخف وإن أفضى إلى قتل الصائل هدر والسلاح كل نافع في الحرب، وتقييده بالأخ المسلم يؤذن بأن من له ذمة أو عهد وأمان ليس كذلك وهو غير مراد لكنه أخف (البزار) في مسنده (عن أبي بكرة) بسكون الكاف وقد تفتح. قال الهيتمي: فيه سويد بن إبراهيم ضعفه النسائي ووثقه أبو زرعة وفيه لين. أه‍، ومن ثم رمز المصنف لحسنه.
716 - (إذا صلى أحدكم فليصل صلاة مودع) أي إذا شرع في الصلاة فليقبل على الله بشراشيره ويدع غيره لمناجاته ربه، ثم فسر صلاة المودع بقوله (صلاة من لا يظن أنه يرجع) أي يعود (إليها أبدا) أي دائما فإنه إذا استحضر ذلك كان باعثا على قطع العلائق والتلبس بالخشوع الذي هو روح الصلاة، ومن أيقن بقدومه على عظيم شديد الانتقام ذي القدرة والكمال فجدير بأن يلازم غاية الأدب، والصلاة صلة العبد بربه فمن تحقق بالصلة لمعت له طوالع التجلي فيخشع ويصلي صلاة مودع، وقد شهد القرآن بفلاح الخاشعين * (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) * (المؤمنون: 2) أي خائفون من الله متذللون يلزمون أبصارهم مساجدهم. وعلامة ذلك أن لا يلتفت يمينا ولا شمالا ولا يجاوز بصره محل سجوده. وقد صلى بعضهم في جامع فسقطت ناحية منه فاجتمع الناس عليها ولم يشعر. فليقبل العبد على ربه ويستحضر بين يدي من هو واقف؟ وكان مكتوبا في محراب: أيها المصلي من أنت؟ ولمن أنت؟ وبين يدي من أنت؟ ومن تناجي؟ ومن يسمع كلامك؟ ومن ينظر إليك؟ (فر عن أم سلمة) وفي إسناده ضعف لكن له شواهد واقتصاره على الديلمي يؤذن بأنه لم يخرجه أحد من الستة وهو عجب فقد خرجه ابن ماجة من حديث أبي أيوب ورواه الحاكم والبيهقي.
717 - (إذا صلى أحدكم) غير صلاة الجنازة (فليبدأ بتحميد الله تعالى) وفي رواية يبدأ بتحميد ربه سبحانه، وعطف عليه عطف عام على خاص قوله (والثناء عليه) أي بما يتضمن ذلك، والحمد البناء بالجميل على جهة التمجيد والتحميد حمدا لله مرة بعد أخرى، والثناء بالفتح والمد: فعل ما يشعر بالتعظيم قال بعضهم: وأريد به بطلب المحامد هنا التشهد أي ابتداء التشهد بالتحيات (ثم ليصل على
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة