المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٧
في أعين الناس فيؤدي إلى النفرة عنهم وعدم الانقياد لهم ويلزم منه إفساد الخلائق وترك استصلاحهم وهو خلاف مقتضى العقل والحكمة وأما صدورها عنهم سهوا أو على سبيل الخطأ في التأويل فجوزه الأكثرون والمختار خلافه وأما الصغائر عمدا فجوزه الجمهور إلا الجبائي فإنه ذهب إلى أنه لا يجوز صدور الصغيرة إلا بطريق السهو أو الخطأ في التأويل وهذا التجويز منهم إنما هو فيما أوليس من صغائر الخسة كما ستعرفه وأما صدور الصغائر سهو فهو جائز اتفاقا بين أكثر أصحابنا وأكثر المعتزلة إلا الصغائر الخسية وهي ما تلحق فاعلها بالأراذل والسفل والحكم عليه بالخسة ودناءة الهمة كسرقة حبة أو لقمة فإنها لا تجوز أصلا لا عمدا ولا سهوا والاتفاق المذكور إنما هو فيما أوليس منها كنظرة وكلمة سفه نادرة في خصام وقال الجاحظ يجوز أن يصدر عنهم غير صغار الخسة سهوا بشرط أن ينبهوا عليه فينتهوا عنه وقد تبعه فيه كثير من المتأخرين من المعتزلة كالنظام والأصم وجعفر بن بشر وبه نقول نحن معاشر الأشاعرة هذا كله بعد الوحي والاتصاف بالنبوة وأما قبله فقال الجمهور أي أكثر أصحابنا وجمع من المعتزلة لا يمتنع أن يصدر عنهم كبيرة إذ لا دلالة للمعجزة عليه أي على امتناع الكبيرة قبل البعثة ولا حكم للعقل بامتناعها ولا دلالة سمعية عليه أيضا وقال أكثر المعتزلة تمتنع الكبيرة وإن تاب منها لأنه أي صدور الكبيرة يوجب النفرة عمن ارتكبها وهي تمنع عن اتباعه فتفوت مصلحة البعثة ومنهم من منع عما ينفر الطباع عن متابعتهم مطلقا أي سواء لم يكن ذنبا لهم أو كان كعهر الأمهات أي كونها زانيات والفجور في الآباء ودناءتهم واسترذالهم والصغائر الخسيسة دون غيرها من الصغائر
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»