صدور الذنب عنه ويكذبه أنه لو كان كذلك لما استحق المدح بذلك وأيضا فالإجماع على أنهم مكلفون بترك الذنوب مثابون به ولو كان الذنب ممتنعا عنهم لما كان كذلك وأيضا فقوله * (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) * يدل على مماثلتهم لسائر الناس فيما يرجع إلى البشرية والامتياز بالوحي لا غير الشرح المقصد السادس في حقيقة العصمة آخر بيانها عن التصديق بوجودها لأن الماهية الحقيقة تتوقف على آلهلية وهي عندنا على ما يقتضيه أصلنا من استناد الأشياء كلها إلى الفاعل المختار ابتداء أن لا يخلق الله فيهم ذنبا وهي عند الحكماء بناء على ما ذهبوا إليه من القول بالإيجاب والاعتبار استعداد للقوابل ملكة تمنع عن الفجور وتحصل هذه الصفة النفسانية ابتداء بالعلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات فإنه الزاجر عن المعصية والداعي إلى الطاعة وتتأكد وتترسخ هذه الصفة فيهم بتتابع الوحي إليهم بالأوامر الداعية إلى ما ينبغي والنواهي الزاجرة عما لا ينبغي ولا اعتراض على ما يصدر عنهم من الصغائر سهوا أو عمدا عند من يجوز تعمدها ومن ترك الأولى والأفضل فإن الصفات النفسانية تكون في ابتداء حصولها أحوالا أي غير راسخة ثم تصير ملكات أي راسخة في محلها بالتدريج وقال قوم هي العصمة تكون خاصية في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه ويكذبه أي هذا القول أنه لو كان صدور الذنب كذلك أي ممتنعا لما استحق المدح بذلك أي بترك الذنب إذ لا مدح ولا ثواب بترك ما هو ممتنع لأنه أوليس مقدورا داخلا تحت الاختيار وأيضا فالإجماع منعقد على أنهم أي الأنبياء مكلفون بترك الذنوب مثابون به ولو كان الذنب ممتنعا عنهم لما كان الأمر
(٤٤٩)