قالوا ولا ريب أن الأعمال الجليلة العظيمة الثواب لا يتهيأ حصولها إلا بالمال، كالحج والوقوف والصدقات و الزكوات والجهاد.
وقد جاء في الخبر: (خير المال سكة مأبورة (1) أو مهرة مأمورة).
وقالت الحكماء: المال يرفع صاحبه وإن كان وضيع النسب، قليل الأدب وينصره وإن كان جبانا، ويبسط لسانه وإن كان عيا، به توصل الأرحام، و تصان الاعراض، وتظهر المروءة، وتتم الرياسة، ويعمر العالم، وتبلغ الأغراض، وتدرك المطالب، وتنال المآرب، يصلك إذا قطعك الناس، وينصرك إذا خذلوك، ويستعبد لك الأحرار، ولولا المال لما بان كرم الكريم، ولا ظهر لؤم اللئيم، ولا شكر جواد، ولا ذم بخيل، ولا صين حريم، ولا أدرك نعيم.
وقال الشاعر:
المال أنفع للفتى من علمه * والفقر أقتل للفتى من جهله ما ضر من رفع الدراهم قدره * جهل يناط إلى دناءة أصله وقال آخر:
دعوت أخي فولى مشمئزا * ولبى درهمي لما دعوت وقال آخر:
ولم أر أوفى ذمة من دراهمي * وأصدق عهدا في الأمور العظائم فكم خانني خل وثقت بعهده * وكان صديقا لي زمان الدراهم وقال آخر:
أبو الأصفر المنقوش أنفع للفتى * من الأصل والعلم الخطير المقدم