إن نفس زيد قد تكون مشابهة أو قريبة من المشابهة لنفس عمرو، فإذا هما في الأخلاق متساويتان، أو متقاربتان، ونفس خالد قد تكون مضادة لنفس بكر أو قريبة من المضادة، فإذا هما في الأخلاق متباينتان أو قريبتان من المباينة.
والقول باختلاف النفوس في ماهياتها هو مذهب أفلاطون، وقد اتبعه عليه جماعة من أعيان الحكماء، وقال به كثير من مثبتي النفوس من متكلمي الاسلام.
واما أرسطو واتباعه، فإنهم لا يذهبون إلى اختلاف النفوس في ماهيتها والقول الأول عندي أمثل.
ثم بين عليه السلام اختلاف آحاد الناس، فقال منهم من هو تام الرواء، لكنه ناقص العقل والرواء بالهمز والمد: المنظر الجميل، ومن أمثال العرب: " ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل ". وقال الشاعر:
عقله عقل طائر * وهو في خلقة الجمل.
وقال أبو الطيب:
وما الحسن في وجه الفتى شرف له * إذا لم يكن في فعله والخلائق (1).
وقال الآخر:
وما ينفع الفتيان حسن وجوههم * إذا كانت الأخلاق غير حسان فلا يغررنك المرء راق رواؤه * فما كل مصقول الغرار يماني