وقال أبو حنيفة وأصحابه من اعطى بعض ولده دون بعض كرهنا ذلك له وامضيناه عليه وقد كره عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل ان يفضل بعض ولده على بعض وكان إسحاق يقول مثل هذا ثم رجع إلى قول الشافعي وكل هؤلاء يقولون إن فعل هذا أحد نفذ ولم يرد ولم يختلف في ذلك عن أحمد وأصح شيء عنه في ذلك ما ذكره الخرقي في مختصره عنه قال فإذا فاضل بين ولده في العطية امر برده كما امر النبي صلى الله عليه وسلم فان مات ولم يردده فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته واما قوله في حديث مالك (أكل ولدك نحلته مثل ذلك) فان العلماء مجمعون على استحباب التسوية في العطية بين الأبناء الا ما ذكرنا عن أهل الظاهر من ايجاب ذلك الا ان الفقهاء في استحبابهم للتسوية بين الأبناء في العطية اختلفوا في كيفية التسوية بينهم في العطية فقال منهم قائلون التسوية بينهم ان يعطي الذكر مثل ما يعطي الأنثى وممن قال ذلك سفيان الثوري وبن المبارك قال بن المبارك الا ترى ان الحديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (سووا بين أولادكم فلو كنت مؤثرا أحدا اثرت النساء على الرجال) وبه قال داود وأهل الظاهر وقال آخرون التسوية ان يعطى الرجل مثل حظ الأنثيين قياسا على قسم الله تعالى الميراث بينهم وممن قال ذلك عطاء بن أبي رباح وهو قول محمد بن الحسن واليه ذهب احمد وإسحاق ولا احفظ لمالك في هذه المسالة قولا واما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك في هذا الباب (فارجعه) ففيه دليل على أن للأب ان يرجع فيما وهب لابنه [فقد اختلف العلماء أيضا في هذا المعنى فذهب مالك وأكثر أهل المدينة إلى أن للأب ان يعتصر ما وهب لابنه] ومعنى الاعتصار عندهم الرجوع في الهبة
(٢٢٨)