ولا غنى لأصحاب المواشي عن مشيها لترعى [فهو عيشها] فألزم أهل الحوائط حفظها نهارا لذلك والله أعلم وألزم أرباب الماشية ضمان ما أفسدت ليلا لتفريطهم في ضبطها وحبسها عن الانتشار بالليل ولما كان على أرباب الحوائط حفظ حوائطهم في النار فلم يفعلوا كانت المصيبة منهم لتفريطهم أيضا وتضييعهم ما كان يلزمهم من حراسة أموالهم وهذا عندي - والله أعلم - إذا أطلقت الدواب والمواشي دون راع يرعاها وأما إذا كانت ترعى ومعها صاحبها فلم يمنعها [من زرع غيره وهو قادر على منعها] فهو المسلط لها وهو - حينئذ - كالسائق والراكب والقائد وسيأتي ذكر اختلاف الناس في ذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) (1) - إن شاء الله عز وجل وقال الليث بن سعد يضمن رب الماشية ما أفسدت بالليل والنهار ولا يضمن أكثر من قيمة الماشية قال أبو عمر لم يفرق الليث بين الليل والنهار في هذا المعنى ولم يتجاوز بالضمان قيمة الماشية وأظنه قاسة على العبد الجاني الا يفتكه سيده بأكثر من قيمته وان جنايته في الليل والنهار سواء فخالف الحديث في (العجماء جرحها جبار) وخالف حديث ناقة البراء وقد تقدمه إلى ذلك طائفة من العلماء منهم عطاء قال بن جريج قلت لعطاء الحرث تصيبه الماشية ليلا أو نهارا قال يضمن صاحبها ويغرم قلت كان عليه حظر أو لم يكن قال نعم قلت ما يغرم قال يغرم قيمة ما اكل حماره ودابته وماشيته وقال معمر عن بن شبرمة يقوم الزرع على حاله التي أصيب عليها دراهم وذكر أبو بكر قال حدثني حفص عن حجاج عن القاسم بن نافع قال قال عمر ما أصاب المنفلت فلا ضمان على صاحبه ومن أصاب المنفلت ضمن
(٢٠٧)