واختلف الفقهاء في هذا المعنى على أربعة أقوال أحدها كل دابة مرسلة فصاحبها ضامن والثاني لا ضمان فيما أصاب المنفلتة من الدواب والمواشي والثالث ما أصابت بالليل فهو مضمون وما أصابت بالنهار فغير مضمون والرابع الفرق بين الأموال والدماء فاما أقوال الفقهاء في هذا الباب فذكر بن عبد الحكم قال قال مالك ما أفسدت المواشي والدواب من الزرع والحوائط بالليل فضمان ذلك على أهلها وما كان بالنهار فلا شيء على أصحاب الدواب ويقوم الزرع على الذي أفسدت بالليل على الرجاء والخوف قال والحوائط التي [تحرث والتي] لا تحرث سواء والمخطر عليه وغير المخطر سواء يغرم أهلها ما أصابت بالليل بالغا ما بلغت وان كان أكثر من قيمتها قال مالك وإذا انفلتت دابة بالليل فوطئت على رجل قائم لم يغرم صاحبها شيئا وانما هذا في الحوائط والزرع والحرث قال مالك وإذا تقدم إلى صاحب الكلب الضاري أو البعير أو الدابة بما أفسدت ليلا [أو نهارا] فعليهم غرمه قال أبو عمر لا خلاف عن مالك وأصحابه [في ذلك على ما ذكره بن عبد الحكم في كتابه وهو قول الشافعي وأصحابه] الا فيما ذكر من التقدم إلى صاحب الدابة الضارية أو الكلب الضاري والبعير الصؤول فإن التقدم في ذلك سواء عنده وانما يضمن عندهم في الدواب والمواشي ما أفسدت في الحائط والزرع والاعتاب [والثمار] بالليل دون النهار وستأتي مسألة الجمل الصؤول والكلب العقور في موضعها إن شاء الله عز وجل وانما وجب - والله أعلم - الضمان على أرباب المواشي فيما أفسدت من الزرع وشبهه بالليل دون النهار لان الليل وقت رجوع الماشية إلى مواضع مبيتها من دور أصحابها ورحالهم ليحفظوها ويمسكوها عن الخروج إلى حرث الناس وحوائطهم لأنها لا يمكن أربابها حفظها بالليل لأنه وقت سكون وراحة لهم مع علمهم ان المواشي قد اواها أربابها إلى أماكن قرارها ومبيتها واما النهار فيمكن فيه حفظ الحوائط وحرزها وتعاهدها ودفع المواشي عنها
(٢٠٦)