الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٩٦
وقد ذكرنا في (التمهيد) في ذلك اثارا مسندة وذكرنا حديث الأعمش عن انس قال استشهد منا غلام يوم أحد فجعلت أمه تمسح التراب عن وجهه وتقول ابشر هنيئا لك الجنة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره (1) والأعمش لا يصح له سماع من انس والله أعلم ولم يختلفوا في أنه لا يحتج من حديثه بما لم يذكره عن الثقات وبسنده لان كان يدلس عن الضعفاء واما أبو حنيفة وأصحابه فلا يرون ان يقضى بشيء مما ذكرنا في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهي الجار ان يمنع جاره من غرز الخشبة في جداره وعن عمر في قصة الخليج في ارض محمد بن مسلمة ولا ما كان مثل ذلك كله بقوله صلى الله عليه وسلم (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) (2) أي من بعضكم على بعض لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه) وهذا هو المشهور من مذهب مالك المعمول به فروى اصبغ عن بن القاسم قال لا يؤخذ بما قضى به عمر بن الخطاب على محمد بن مسلمة في الخليج ولا ينبغي ان يكون أحق بمال أخيه منه الا برضاه قال واما ما حكم به لعبد الرحمن بن عوف من تحويل الربيع من موضعه إلى ناحية أخرى من الحائط فإنه يؤخذ به ويعمل بمثله لان مجرى ذلك الربيع كان لعبد الرحمن ثابتا في الحائط وانما أراد تحويله إلى ناحية أخرى [من الحائط وانما] هي أقرب عليه وانفع وارفق لصاحب الحائط وكذلك حكم عليه عمر بتحويله واما عبد الملك بن حبيب فإنه اضطرب في هذا الباب ولم يثبت فيه على مذهب مالك ولا مذهب العراقيين ولا مذهب الشافعي وتناقض في ذلك فقال
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»