الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢١٩
وهذا هو الحالة بعينها بدليل رواية يونس [بن عبيد] عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مطل الغني ظلم وإذا أحلت على مليء فاتبعه) [وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحلت على مليء فاتبعه] وقوله (إذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع) دليل على أنه إذا أحيل على غير مليء لم تصح الإحالة وفي ذلك ما يوضح لك ما ذهب إليه مالك - رحمه الله - ان المحيل إذا غر المحال من فلس المحال عليه فإنه لا تلزمه الحوالة وله رجوعه بماله على المحال لأنه لما شرط الملئ في الحوالة دل ذلك على أن عدم ذلك يوجب غرم المال ولا حجة عندي للكوفيين فيما نزعوا به من هذا الحديث انه إذا أفلس المحال عليه أو مات كان له الرجوع لان زوال الملك يوجب الرجوع على المحال ولهم في ذلك حجج من جهة المقايسات لم ار لذكرها وجها وكذلك قالوا إن ظاهر الحديث يوجب جواز الحوالة على من لا دين عليه للمحيل لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين من عليه دين للمحيل وبين من لا دين عليه وهذا عندي ليس كما قالوا لان الحوالة معناها ابتياع ذمة بذمة ومن لا دين عليه ليس للمحيل عليه شيء الا انهم جعلوا التطوع بما في الذمة كالذمة التي تكون عن بدل والكلام في هذا تشغيب وفيه تعسف وشغب وبالله التوفيق وقال أهل الظاهر الحوالة على الملئ لازمة رضي بها أو لم يرض [وليس بشيء] لان ابتياع الذمم كابتياع الأعيان في سائر التجارات والتجارة لا تكون الا عن تراض واما الأصل في الضمان فقول الله عز وجل * (وأنا به زعيم) * [يوسف 72] أي كفيل وحميل وضامن ومن السنة حديث قبيصة بن المخارق قال تحملت حمالة فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عنها فقال (نخرجها عنك من إبل الصدقة يا قبيصة ان المسالة لا تحل الا في ثلاث رجل تحمل حمالة فحلت له المسالة حتى يردها ثم يمسك) (1) وذكر تمام الحديث
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 219 220 221 222 223 224 ... » »»