الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٦٧
وقال المزني فيحتمل تأويل هذا الحديث عندي - والله أعلم - ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم أجاب فيه على المسالة فأعلمهم بالحكم انه هكذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنا الا انه قبل على عتبة قول أخيه سعد ولا على قول زمعة قول ابنه عبد بن زمعة ان أباه أولدها الولد لان كل واحد منهما اخبر عن غيره [وقد اجمع المسلمون انه لا يقبل اقرار أحد على غيره] وفي ذلك عندي دليل على أنه حكم خرج على المسالة ليعرفهم كيف الحكم في مثلها إذا نزل ولذلك قال لسودة (احتجبي منه) لأنه حكم على المسالة وقد حكى الله - عز وجل - في كتابه العزيز مثل ذلك في قصة داود * (إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض) * [ص 22] ولم يكونا خصمين ولا كان لكل واحد منهما تسع وتسعون نعجة ولكنهم كلموه على المسالة ليعرف بها ما أرادوا فيحتمل ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم حكم في هذه القصة على المسالة [وان لم يكن أحد يؤنسني على هذا التأويل وكان عندي فهو صحيح] والله أعلم قال المزني لم تصح دعوى سعد على أخيه ولا دعوى عبد بن زمعة على أبيه ولا أقرت سودة انه بن أبيها فيكون أخاها منعه من رؤيتها وأمرها بالاحتجاب منه ولو ثبت انه أخوها ما امرها [ان تحتجب منه] لأنه صلى الله عليه وسلم بعث بصلة الارحام وقد قال لعائشة في عمها من الرضاعة (انه عمك فليلج عليك) (1) ويستحيل ان يأمر زوجته ان لا تحتجب من عمها من الرضاعة ويأمر زوجة له أخرى ان تحتجب من أخيها لأبيها قال ويحتمل أن تكون سودة جهلت ما علمه أخوها عبد بن زمعة فسكتت قال المزني فلما لم يصح انه أخ لعدم البينة بذلك أو الاقرار ممن يلزمه اقراره زاده بعدا في القلوب شبهه بعتبة امرها بالاحتجاب منه فكان جوابه صلى الله عليه وسلم على السؤال لا على تحقيق زنا عتبة بقول أخيه ولا بالولد انه لزمعة بقول أبيه بل قال الولد للفراش على قولك يا عبد بن زمعة لا على ما قال سعد ثم أخبرنا بالذي يكون إذا ثبت مثل هذا
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»