الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٦٣
فتساوقا (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد يا رسول الله بن أخي قد كان عهد إلي فيه وقال عبد بن زمعة أخي وبن وليدة أبي ولد على فراشه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو لك يا عبد بن زمعة) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ثم قال لسودة بنت زمعة (احتجبي منه) لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص قالت فما رآها حتى لقي الله عز وجل قال أبو عمر [لم يختلف على مالك] ولا علي بن شهاب في هذا الحديث الا ان بعض أصحاب بن شهاب يرويه مختصرا لا يذكر فيه الا قوله عليه السلام (الولد للفراش وللعاهر الحجر) بهذا الاسناد عن عروة عن عائشة وعند بن شهاب أيضا عن سعيد بن المسيب [وأبي سلمة بن عبد الرحمن] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (الولد للفراش وللعاهر الحجر) دون قصة عبد بن زمعة وسعد وكذلك رواه محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي ذلك أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم [وقد ذكرنا ذلك كله في (التمهيد) وهو أثبت ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم] من اخبار الآحاد العدول وأصحها قوله صلى الله عليه وسلم (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وهو ما تلقته الأمة بالقبول ولم يختلفوا الا في شيء من معناه نذكره في اخر هذا الباب إن شاء الله عز وجل واما قصة عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاس فقد أشكل معناها على أكثر الفقهاء وتأولوا فيها تأويلات فخرج جوابها عن الأصول المجتمع عليها فمن ذلك ان الأمة مجتمعة على أن أحدا لا يدعي عن أحد دعوى الا بتوكيل من المدعي ولم يذكر في هذا الحديث توكيل عتبة لأخيه سعد على ما ادعاه عنه [بأكثر من دعوى سعد لذلك وهو غير مقبول عند الجميع واما دعوى عتبة] للولد من الزنى فإنما ذكره سعد لأنه كان في علمهم في الجاهلية وحكمهم دعوى الولد من الزنى فتكلم سعد بذلك لأنهم كانوا على جاهليتهم حتى يؤمروا أو ينهوا ويبين لهم حكم الله فيما تنازعوا فيه وفيما يراد منه التعبد به فكانت دعوى سعد سبب البيان من الله عز وجل - على لسان رسوله
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»