الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٦٦
وسنذكر أصل هذه المسالة في الباب بعد هذا - إن شاء الله عز وجل وقد قال الشافعي في غير موضع من كتابه لو قبل استلحاق غير الأب كان فيه حقوق على الأب بغير اقراره ولا ببينة تشهد عليه وقال محمد بن جرير الطبري معنى قوله صلى الله عليه وسلم (هو لك يا عبد بن زمعة) أي هو عبد ملكا لأنه بن وليدة أبيك وكل أمة تلد من غير سيدها فولدها عبد يريد انه لما [لم] ينقل في الحديث اعتراف سيدها بوطئها ولا شهد بذلك عليه وكانت الأصول تدفع قبول ابنه عليه لم يبق الا القضاء بأنه عبد تبع لامه وامر سودة بالاحتجاب منه لأنها لم تملك منه الا شقصا وهذا أيضا من الطبري خلاف ظاهر الحديث لان فيه أخي وبن وليدة أبي ولد على فراشه فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذلك من قوله] ولكنه قول خارج محتمل على الأصول وقال الطحاوي واما قوله (هو لك [يا عبد بن زمعة) فمعناه] هو لك بيدك عليه لا انك تملكه ولكن تمنع بيدك عليه كل من سواك منه كما قال في اللقطة هي لك بيدك عليها تدفع غيرك عنها حتى يجيء صاحبها ليس على أنها ملك له قال ولا يجوز ان يجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا لزمعة ثم يأمر أخته [ان] تحتجب منه هذا محال لا يجوز ان يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال وليس قول من قال إن ادعاء سعد في هذا الحديث كلا دعوى بشيء لان سعدا انما ادعى شيئا كان معروفا في الجاهلية من لحوق ولد الزنى بمن ادعاه قال وقد كان عمر يقضي بذلك في الاسلام - إذا لم يكن فراش - فادعى سعد وصية أخيه بما كان يحكم في الجاهلية به فكانت دعواه لأخيه كدعوى أخيه لنفسه غير أن عبد بن زمعة قابلة بدعوى توجب عتقا للمدعي على المدع [عليه] لان مدعيه كان يملك بعضه حين ادعى فيه ما ادعى ويعتق عليه ما كان يملك منه فكان ذلك هو الذي أبطل [دعوى] سعد ولما كان لعبد بن زمعة شريك فيما ادعاه وهي أخته سودة ولم يعلم منها في ذلك التصديق لمقالته الزم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد بن زمعة ما أقر به في نفسه ولم يجعل ذلك حجة على أخته إذ لم تصدقه ولم تجعله أخاها وأمرها بالحجاب منه قال أبو عمر قول الطحاوي حسن كله الا قوله (فكانت دعوى سعد لأخيه كدعوى أخيه لنفسه) هذا ليس بشيء لأنه لم يظهر في ذلك ما يصدق دعواه على أخيه ولم ينقل في الحديث ما يدل عليه
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»