1844 - وبإسناده عن سليم بن عامر أن جبير بن نفير حدثهم أن رجلين تحابا في الله بحمص في خلافه عمر بن الخطاب، فأرسل إليهما فيمن أرسل إليه من أهل حمص، وكانا قد اكتتبا من اليهود ملء صفينة، فأخذاها معهما، يسفتيان فيها أمير المؤمنين، ويقولان: إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة، وإن نهانا عنه رفضناها، فلما قدما على أمير المؤمنين، قالا: يا أمير المؤمنين إنا بأرض فيها أهل الكتابين، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا، فنأخذ منه أم نترك؟
فقال: لعلكما اكتتبتم منهم شيئا؟ قال: لا، قال: سأحدثكما، إني انطلقت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر، فوجدت يهوديا يقول قولا فأعجبني، فقلت: هل أنت مكتبي مما تقول؟ فقال: نعم، فأتيته بأديم ثنية أو جذعة، فجعل يملي علي حتى كتبت في الأكراع رغبة في قوله، فلما رجعت قلت: يا نبي الله إني أتيت يهوديا، يقول قولا لم أسمع مثله بعدك، قال: (فلعلك اكتتبت منه؟ فقلت: نعم، فقال: (أتتني به)، فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون جئت نبي الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يحب، فلما أتيته به قال: (اجلس أقرأه علي) فقرأت ساعة، ثم نظرت إلى وجهه، فإذا هو يتلون، فخرت من الفرق، فما استطعت أجيز منه حرفا، فلما رأى الذي بي دفعنه إليه، ثم جعل يتتبه رسما فيمحوه بريقه وهو يقول: (لا تتبعوا هؤلاء قد هوكوا وتهوكوا) حتى محا آخره حرفا، ثم قال عمر: فلو أعلم أنكما اكتتبتما منهم شيئا، جعلتكما نكالا لهذه الأمة، فقالا: والله لا نكتب منهم شيئا أبدا، فخرجا بصفنتهما، فحفرا لها في الأرض، فلم يألوا أن يعمقا فدفناها، فكان آخر العهد منهما.
1845 - حدثنا جعفر بن الفريابي، ثنا عبد الله بن عبد الجبار الخبائري، ثنا