لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان، حتى هموا أن يقتتلوا، فلم يزل رسول الله (ص) يحجز بينهم، قالت: فدخل رسول الله (ص) وعندي أبواي، وقد كانت امرأة من الأنصار دخلت علي فهي تساعدني، فجلس عندي منذ قيل لي ما قيل، فقال:
(أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ببراءتك، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه).
فلما قضى النبي (ص) مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله (ص) فيما قال، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله (ص)، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله (ص)، فقالت أمي: ما أدري ما أقول لرسول الله (ص)، وكنت جارية حديثة السن، لم أقرأ كثيرا من القرآن، فقلت: والله لئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني ولئن قلت: إني بريئة لا تصدقوني، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) قالت: ثم تحولت، والله يعلم أني بريئة، وشأني كان أصغر في نفسي من أن ينزل في قرآن، ولكنني كنت أرجو أن يرى الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني فيها، قالت: فوالله ما دام رسول الله (ص) مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذته البرحاء، وكان إذا أوحي إليه أخذته البرحاء حتى أنه يتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي، قالت:
فسري عن رسول الله (ص) حين سري عنه، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال:
(أما الله فقد برأك يا عائشة) فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله (ص)،