أمر العرب الأول، فلما انصرفنا عثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: وما علمت ما قال؟ فزادتني مرضا على ما كانت بي، قالت: وكانت أم مسطح بنت صخر ابن عامر خالة أبي بكر الصديق، وكان ابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف، قالت عائشة: فبكيت ليلتين ويوما حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، قالت: فلما استبلث رسول الله (ص) الوحي، دعا أسامة بن زيد وعلي ابن أبي طالب يستشيرهما في فراق أهله، فقال أسامة: يا رسول الله أهلك وما علمنا إلا خيرا، وقال علي: يا رسول الله لم يضيق الله عليك، النساء كثير سواها، وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله (ص) بريرة فقال:
(يا بريرة هل رأيت على عائشة شيئا تكرهينه؟).
قالت: لا، والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام على عجين أهلها فيدخل الداجن فيأكله، قالت: وقد كانت امرأة أبي أيوب قالت لأبي أيوب: أما سمعت ما يتحدث الناس، فحدثته بقول أهل الإفك، فقال: سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، فقام رسول الله (ص) فقال:
(يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي؟ والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا صالحا ما كان يدخل على أهلي إلا معي).
فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فيه، فقام سعد بن عبادة وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن أجهلته الحمية، فقال