في التصنيف والتأليف وأنسه به وانصرافه إلى الراحة والهدوء والطمأنينة الدائمة، من غير اشتغال بأحداث وأمور خارجة عن نطاق العلم، وكفى بالعلم عنده صديقا ومؤنسا، ولرغبته الأكيدة سافر إلى العواصم الإسلامية واتصل فيها بأهل المعرفة والحديث وطفق يتجول ويلقي دروسه في الحديث ويفقه فيه طلابه.
إن معاجم السير على الأكثر ذكرت المترجم له.. بإجلال وإعظام وإكبار، وشرحت محاسن علمه وجودة تفكيره وفضله في الحديث وإتقانه له، وهذه الكلمات إن دلت على شئ فإنما تدل بوضوح على شخصية النسائي العلمية، ومكانه المرموق في العلم وبلوغه درجة الكمال في الحديث ولهذا يكبر أهل العصر ومن تبعهم من المؤرخين مزاياه وطبعه ونفسه المشرقة بنور العلم وجمال المعرفة.
وقد جمع الحافظ ابن حجر العسقلاني آراء أئمة الحديث في النسائي فقال عند ترجمته له: قال ابن عدي: سمعت منصور الفقيه (1) وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (2) يقولان: أبو عبد الرحمان إمام من أئمة المسلمين. وقال محمد بن سعد البارودي (3): ذكرت النسائي لقاسم المطرز فقال: هو إمام أو يستحق أن يكون إماما.
وقال أبو علي النيسابوري (4): سألت النسائي وكان من أئمة