المسلمين واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه والانبساط في المأكل، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج (1).
وقال الحاكم: سمعت أبا الحسن الدارقطني غير مرة يقول:
أبو عبد الرحمان مقدم على كل من يذكر بعلم الحديث وبجرح الرواة وتعديلهم في زمانه، وكان في غاية من الورع والتقى، إلا ترى أنه يروي في سننه عن الحارث بن مسكين هكذا قرئ عليه وأنا أسمع، ولا يقول في الرواية عنه حدثنا وأخبرنا كما يقول في روايات أخرى عن مشايخه، وكان شافعي المذهب، وكان ورعا متحريا، وكان يواظب على صوم داود. ونقل السبكي عن شيخه الذهبي ووالده السبكي: أن النسائي أحفظ من مسلم صاحب الصحيح، وأن سننه أقل السنن بعد الصحيحين حديثا ضعيفا، بل قال بعض الشيوخ: إنه أشرف المصنفات كلها وما وضع في الإسلام مثله.
وقال جماعة: كل ما فيه صحيح لكن فيه تساهل صريح، وشذ بعض المغاربة ففضله على كتاب البخاري، ولعله لبعض الحيثيات الخارجة عن كمال الصحة، وصنف في أول الأمر السنن الكبرى، ثم صنع المجتبى من السنن الكبرى ولخص منها الصغيرة، فإذا قيل: رواه النسائي، فالمراد هو المختصر لا السنن الكبرى، وهي إحدى الكتب الستة، وإذا قالوا:
الكتب الخمسة: أو الأصول الخمسة، فهي: البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، ومجتبى النسائي (2).
وقال ابن الجوزي: أبو عبد الرحمان النسائي الإمام، كان أول رحلته إلى نيسابور، ثم خرج إلى بغداد فأكثر عن قتيبة وانصرف على طريق مرو