كتاب الهواتف - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٧٥
ولا تبخلوا دم مستجير * تضمنه أجيرة فالتلاع فإن لما ترون غب أمر * له من دون أعينكم غير قناع فارتحلوا واشتد بهم العطش فإذا هاتف يهتف بهم:
يا أيها القوم لا ماء أمامكم * حتى تسوموا المطايا يومها التعبا ثم اعدلوا شامة فالماء عن كثب * عين رواء وماء يذهب اللغبا حتى إذا ما أصبتم منه ريكم * فاسقوا المطايا ومنه فاملئوا القربا فعدلوا شامة فإذا هم بعين خرارة في أصل جبل فشربوا، وسقوا إبلهم، وحملوا ريهم حتى أتوا عكاظ، ثم أقبلوا حتى انتهوا إلى ذلك الموضع فلم يروا شيئا، وإذا هاتف يقول:
يا مال عني جزاك الله صالحة * هذا وداع لكم مني والسلام لا تزهدن في اصطناع العرف مع أحد * إن الذي يحرم المعروف محروم من يفعل الخير لا يعدم مغبته * ما عاش والكفر بعد الغدر مذموم أنا الشجاع الذي أنجيت من زهق * شكرت ذلك إن الشكر مقسوم فطلبوا العين فلم يصيبوها.
(98) - وحدثني أبي، عن هشام بن محمد، أنا فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب، عن أبيه، عن جده قال:
" بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل إليه وفد من اليمن، فقالوا: أنجانا الله عز وجل ببيتين من الشعر لامرئ القيس. قال: " وكيف ذلك؟ قالوا: أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق، أخطأنا الماء فمكثنا ثلاثا لا نقدر عليه، فلما جهدنا تفرقنا إلى أصول طلح وسمر، ليموت كل رجل منا في ظل شجرة، فبينا نحن بآخر رمق إذ راكب مقبل على بعير متلثم بعمامة، فلما رآه بعضنا أنشأ يقول:
لما رأت أن الشريعة همها * وأن البياض من فرائصها دامي
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست