مقدمة المحقق إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد: فهذا كتاب " الهواتف " للإمام ابن أبي الدنيا نقدمه للمكتبة الإسلامية ضمن مجموعة تراث ابن أبي الدنيا التي سبق أن قمنا بتحقيق عدد كبير من مؤلفاته.
وللإمام ابن أبي الدنيا السبق في التأليف في هذا الموضوع، ثم جاء من بعده الإمام الخرائطي وسار على نهج ابن أبي الدنيا في كتابه " هواتف الجنان "، وهذا ليس بغريب، فالناس كلهم عيال عليه في الفنون التي جمعها كما قال ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة ".
أما عن " الهواتف " هذا فهو مجموعة أحاديث وأخبار وحكايات تحكي عن هاتف من الجن يخبر بشئ مستقبل الحدوث أو غير ذلك.
فالجن في اللغة، قال ابن دريد: الجن خلاف الإنس، يقال: جنه الليل وأجنه، وجن عليه، وغطاه. في معنى واحد.
وقال ابن عقيل الحنبلي: إنما سمي الجن جنا لاجتنانهم واستتارهم عن العيون.
قال ابن تيمية في فتاويه: لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، وكذا جمهور الكفار، لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، يعرفه الخاصة والعامة، ولم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهال الفلاسفة ونحوهم.