المطلب الثالث مكانة ابن أبي الدنيا العلمية أولا: ثقاته:
إن خير ما يصور منزلة ابن أبي الدنيا العلمية، واتجاهاته التربوية والإصلاحية هو آثاره الكثير التي خلفها، وما لقيته من اهتمام العلماء والدارسين بها في العصور المتعاقبة.
ويضم إلى هذا، سيرة ابن أبي الدنيا العلمية وثقافته العالية، ذات الوجوه المتعددة التي أخرجت هذه الثمار الوافرة، فكان حافظا بارعا، ومحدثا جهبذا، وفقيها عارفا، ومؤرخا جامعا، وكان مكثرا من رواية الشعر، لغويا متمكنا من العربية.
وهذه صورة عن ثقاته ومعرفته، وتمكنه في العلوم.
1 - القراءات:
اهتم ابن أبي الدنيا بقراءة القرآن الكريم، واعتنى بدراسة علم القراءات فاتصل بالإمام الحافظ خلف بن هشام المقرى (1) " ت 229 ه "، وكان من أئمة هذا الشأن، فسمع منه ولازمه وسنه دون العشرين، وتميز ابن أبي الدنيا عن الخلائق التي لا تحصى ممن بهذا الإمام، فتمكن هو من إفراد مصنف في قراءة خلف، أسماء: " حروف خلف ". فكان له فضل تقعيد هذه القراءة وصنيفها كما ألف كتبا أخرى في هذا الفن (2)، تدل على تقدمه فيه، وتمكنه منه.