مثل ابن سعد " (1) وقد أكثر ابن الجوزي النقل عنه في كتابه " المصباح المضئ في خلافة المستضئ " حتى بلغ ما نقله عنه خمسين موضعا (2). وكذا سبقه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " وابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن كثير في " البداية و النهاية " وغيرهم (3).
وقد حكى الخطيب البغدادي حكاية طويلة جرت لابن أبي الدنيا مع الخليفة الموفق وابنه المكتفى، تدل على تمكنه من علمه، وطول باعه في التاريخ والأخبار، وموجزها: أن المكتفى كان لا يحب الكتاب ويستثقله، فلما وكل ابن أبي الدنيا بتأديبه أحبه وانشرح له، فلما رأى الخليفة ذلك، طلب رؤية، قال ابن أبي الدنيا: " فأحضرت، فقرب قربا من سريره. وابتدأت في أخبار الخلفاء ومواعظهم فبكى بكاء شديدا. قال: وابتدأت فقرأت عليه نوادر الاعراب، قال: فضحك ضحكا كثيرا، ثم قال: شهرتني، شهرتني، ثم أمر له الخليفة بخمسة عشر دينارا في كل شهر، فكان يقبضها حتى مات (4).
وقد صنف ابن أبي الدنيا مصنفات جليلة في هذا الفن، تدل على طول باعه فيه، ووفرة علمه، فألف في تراجم الأشراف، والأولياء، وأخبار قريش، وأخبار الأعراب، وتاريخ الخلفاء.
كما ألف في السير، ودلائل النبوة وأعلامها، وأخبار الملوك. وأفراد مصنفات في الأعلام كل على حدة، فوضع كتبا في أخبار أويس القرني، وأخبار معاوية، وأخبار الثوري، وفضائل علي بن أبي طالب، كما أفرد مصنفات في الأحداث الأليمة التي رزئت بها الأمة كمقتل عثمان ومقتل على، والحسين وطلحة، والزبير، وابن الزبير، وسعيد بن جبير، وغير ذلك كثيرة (5). حتى إن الخطيب البغدادي توسع في الاقتباس من ابن أبي الدنيا، فقد