المطلب الثاني منهج الكتاب اتسم " كتاب الإخوان " لابن أبي الدنيا بجودة التصنيف، وحسن الترتيب والتبويب، فقد قسم نصوصهم الكتاب البالغة " 228 " نصا على ستة عشر باب، وكان محتوى النصوص في كل باب مطابقا للباب الذي وضعها تحته مما يدل على مهارته وقدرته على التبويب والتصنيف، فقد يعمل باب عاما ثم يتبعه بأخص منه لئلا يحشر النصوص في باب واحد كما فعل في الباب السابع والثامن، فقال: " باب في زيارة الإخوان " ثم أتبعه ب " باب في إغباب الزيارة ". وفى هذا أيضا دقة في التبويب وحسن اختيار لنصوص الأبواب.
كما اتسم أيضا بالوحدة الموضوعية فإنه لم يدخل في كتابه سوى الإخوانيات بيد أنه اقتصر في ذلك على الجانب الإيجابي المرغب في الإخوان وما يتعلق بذلك، ولم يأخذ الجانب السلبي المؤدى إلى نفرة الإخوان وتغيرهم، وذلك لأنه كان قد أفردها استقلالا في مصنف سماه: " تغير الإخوان " (1) ليحذر من المزالق المؤدية إلى ذلك.
والسمة الثالثة: إسناده النصوص النبوية والآثار إلى قائليها.
والسمة الرابعة: إيراده للحديث الذي تلقاه عن شيخين أو أكثر في قالب إسناده واحد، وهي من الأساليب الفنية في صناعة الإسناد استعملها المحدثون الكبار - وبرزت بجلاء عند الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح - سيما إذا أخرجوه من طريق واحدة كما في النصوص (1) و (19) و (37) و (65) و (88) و (102). وإذا اختلفت ألفاظهم فإنه يصرح بأن هذا اللفظ لفلان كما في (14).