التاريخ من صفحات أخرى تعلوها الظلال. وربما كان حادث مقتل (عثمان) الذي اصطلح على تسميته ب " الفتنة " و " وقعة الجمل " أقتم تلك الصفحات.
لم لا؟ ومما لا خلاف فيه، أن هذا الحدث المروع كان نقطة تحول في تاريخ المسلمين، بل كان بداية الانهيار، لم تظهر آثاره مباشرة بحكم الاستمرار بتلك الدفعة القوية التي ولدها عهد صدر الإسلام السابق لذلك التاريخ.
بدأ الخلاف سياسيا وانتهى مذهبيا عقائديا، فانقسمت الأمة، وما زالت، إلى مذاهب شتى بأسها بينها شديد، تتبادل الطعون حتى التكفير ولا تتورع عن الاقتتال حتى الموت.
و مما يزيد تعقيد تلك القضية، أن جميع الناس، بمن فيهم المؤرخين والعلماء، لم يستطيعوا أن يجزموا بحقائق ما حصل وأسباب ما حدث. فالروايات كثيرة و كلها متضاربة، والرواة ليسوا بالمستوى المطلوب إذا ما وضعوا على مشرحة أهل (الجرح والتعديل)، لنأخذ رواياتهم كما نأخذ الحديث الصحيح.
لقد كانت الفتنة فرصة أحسن استغلالها أعداء الإسلام ليشنعوا على الإسلام و ينالوا من رواده الذين حملوا لواءه، ومسؤولية نشره مضحين بأرواحهم قبل أموالهم. كذلك وجد فيها " المذهبيون المتعصبون " معينا لا ينضب لاختلاق الروايات والأقاويل للنيل من صحابي على حساب آخر.
و كثيرا ما كنت أتساءل وأنا أبحث تفاصيل تلك الروايات المختلفة: أصحيح أن الصحابة كانوا على تلك الدرجة من السوء التي تصورها بعض تلك الروايات؟
وإذا صح ذلك، فكيف استطاعوا أن يبنوا ذلك التاريخ الذي شهد بمجده جميع المنصفين من مختلف الأمم والأجناس؟
هنا لا بد لي من التنويه برأي المرحوم الدكتور " يوسف العش " الذي لفت نظري لأول مرة في محاضراته التي كان يلقيها في جامعة دمشق، إلى أن معظم