وإطفاء النائرة لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا ويضع حربهم، وقد أجابوني، قال وإن لم يجيبونا؟ قال: تركناهم ما تركونا، قال: فإن لم يتركونا؟ قال:
دفعناهم عن أنفسنا، قال: فهل لهم مثل ما عليهم من هذا؟ قال: نعم.
وقام إليه أبو سلامة الدألاني فقال: أترى لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم، إن كانوا أرادوا الله عز وجل بذلك؟ قال: نعم. قال: فترى لك حجة بتأخيرك ذلك؟ قال: نعم، إن الشئ إذا كان لا يدرك، فالحكم فيه أحوطه وأعمه نفعا، قال: فما حالنا وحالكم إن ابتلينا غدا؟ قال: إني لأرجو ألا يقتل أحدا نقى قلبه لله منا ومنهم إلا أدخله الله الجنة.
وقام إليه مالك بن حبيب، فقال: ما أنت صانع إذا لقيت هؤلاء القوم؟
قال: قد بان لنا ولهم إن الإصلاح الكف عن هذا الأمر، فإن بايعونا فذلك، فإن أبوا وأبينا إلا القتال فصدع لا يلتئم، قال: فإن ابتلينا فما بال قتلانا؟
قال: من أراد الله عز وجل نفعه ذلك وكان نجاءه.
وقام علي، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس، أملكوا أنفسكم، كفوا أيديكم وألسنتكم عن هؤلاء القوم، فإنهم إخوانكم، واصبروا على ما يأتيكم، وإياكم أن تسبقونا، فإن المخصوم غدا من خصم اليوم.
ثم ارتحل وأقدم ودفع تعبيته التي قدم فيها، حتى إذا أطل على القوم بعث إليهم حكيم بن سلامة ومالك بن حبيب: إن كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو، فكفوا وأقرونا ننزل وننظر في هذا الأمر.