عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٦١
النخعي: حتى في كل عشر دستجات بقل دستجة بقل، وأما الذي احتج به أبو حنيفة ومن معه بما رواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن ابن عمر، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)، وبما رواه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما سقت الأنهار والغيم العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر). وبما رواه ابن ماجة عن مسروق (عن معاذ بن جبل، قال: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن، فأمرني أن آخذ مما سقت السماء وما سقي بعلا العشر، وما سقي بالدر إلى نصف العشر). وهذه الأحاديث كلها مطلقة وليس فيها فصل، والمراد من لفظ: الصدقة، في حديث الباب: زكاة التجارة، لأنهم كانوا يتبايعون بالأوساق، وقيمة الوسق أربعون درهما. ومن الأصحاب من جعله منسوخا ولهم في تقريره قاعدة، فقالوا: إذا ورد حديثان أحدهما عام والآخر خاص فإن علم تقديم العام على الخاص خص العام بالخاص، كمن يقول لعبده: لا تعط لأحد شيئا، ثم قال له: أعط زيدا درهما. وإن علم تقديم الخاص على العام ينسخ الخاص بالعام، كمن قال لعبده: أعط زيدا درهما، ثم قال له: لا تعط لأحد شيئا، فإن هذا ناسخ للأول، هذا مذهب عيسى بن أبان، رحمه الله تعالى، وهذا هو المأخوذ به. وقال محمد بن شجاع الثلجي: هذا إذا علم التاريخ، أما إذا لم يعلم فإن العام يجعل آخرا لما فيه من الاحتياط، وهنا لم يعلم التاريخ، فجعل العام آخرا احتياطا. وقال بعض أصحابنا: حجة أبي حنيفة فيما ذهب إليه عموم قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) * (البقرة: 762). وقوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (الأنعام: 141). والأحاديث التي تعلقت بها أهل المقالة الأولى أخبار آحاد فلا تقبل في مقابلة الكتاب. قوله: (فيما سقت السماء) أي: المطر. قوله: (أو كان عثريا) بفتح العين المهملة والثاء المثلثة وكسر الراء، وهو من النخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر، يجتمع في حفيره. وقيل: هو الغدي: وهو الزرع الذي لا يسقيه إلا المطر، يسمى به كأنه عثر على الماء عثرا بلا عمل من صاحبه، وهو منسوب إلى العثر ولكن الحركة من تغييرات النسب. قوله: (السانية)، هي الناقة التي يستقى عليها، وقيل: هي الدلو العظيمة وأدواتها التي تستقي بها، ثم سميت الدواب سواني لاستقائها. قوله: (بعلا) بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة، وهو ما كان من الكرم قد ذهب عروقه في الأرض إلى الماء فلا يحتاج إلى السقي لخمس سنين، ولست سنين، وانتصابه على الحال بالتأويل كما تقول: جاءني زيد أسدا، أي: شجاعا، والأظهر أنه نصب على التمييز، والدوالي جمع دالية وهي المنجنون التي يديرها الثور.
6041 حدثنا علي سمع هشيما قال أخبرنا حصين عن زيد بن وهب قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله تعالى عنه فقلت له ما أنزلك منزلك هاذا قال كنت بالشأم فاختلفت أنا ومعاوية في والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. قال معاوية نزلت في أهل الكتاب فقلت نزلت فينا وفيهم فكان بيني وبينه في ذاك وكتب إلى عثمان رضي الله تعالى عنه يشكوني فكتب إلي عثمان أن اقدم المدينة فقدمتها فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذالك فذكرت ذاك لعثمان فقال لي إن شئت تنحيت فكنت قريبا فذاك الذي أنزلني هاذا المنزل ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت.
(الحديث 6041 طرفه في: 0664).
مطابقته للترجمة من حيث إنها فيما أدى زكاته فليس بكنز، ومفهوم الآية كذلك إذا أدى زكاة الذهب والفضة لا يكون ما ملكه كنزا، فلا يستحق الوعيد الذي يستحقه من يكنزه ولا يؤدي زكاته.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: علي، بغير نسبة، اختلف فيه، فقيل: هو علي بن أبي هاشم عبيد الله بن الطبراخ، بكسر الطاء المهملة وسكون الباء الموحدة
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»