عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٥٨
يتعاملون بها نوعان: نوع عليه نقش فارس، ونوع عليه نقش الروم، أحد النوعين يقال له: البغلي، وهو السود، الدرهم منها ثمانية دوانيق، والآخر يقال له الطبري، وهو العتق، الدرهم منها أربعة دوانيق. وفي (شرح المهداية): البغلية منسوبة إلى ملك يقال له: رأس البغل، والطبرية منسوبة إلى: طبرية، وقيل: إلى طبرستان. وفي (الأحكام) للماوردي: استقر في الإسلام زنة الدرهم ستة دوانيق، كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وزعم المرغيناني أن الدرهم كان شبيه النواة ودور على عهد عمر، رضي الله تعالى عنه، فكتبوا عليه * (لا إلاه إلا الله محمد رسول الله) * ثم زاد ناصر الدولة بن حمدان: صلى الله عليه وسلم، فكانت منقبة لآل حمدان. وفي كتاب (المكاييل): عن الواقدي، عن معبد بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط، قال: كان لقريش أوزان في الجاهلية فلما جاء الإسلام أقرت على ما كانت عليه الأوقية أربعون درهما، والرطل اثنا عشر أوقية، فذلك أربع مائة وثمانون درهما، وكان لهم النش، وهو عشرون درهما، والنواة وهي خمسة دراهم، وكان المثقال اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة، وكانت العشرة دراهم وزنها سبعة مثاقيل، والدرهم خمسة عشر قيراطا. فلما قدم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمي الدينار لوزنه دينارا، وإنما هو تبر، ويسمي الدرهم لوزنه درهما، وإنما هو تبر، فأقرت موازين المدينة على هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الميزان ميزان أهل المدينة). وعند الدارقطني بسند فيه زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر يرفعه: (والوقية أربعون درهما). وقال أبو عمر: وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدينار أربعة وعشرون قيراطا). قال أبو عمر: هذا وإن لم يصح سنده ففي قول جماعة العلماء واجتماع الناس على معناه ما يغني عن الإسناد فيه.
قوله: (ذود)، بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وفي آخره دال مهملة وهي من الإبل من الثلاثة إلى العشرة، وفي المثل: الذود إلى الذود إبل، وقيل: الذود ما بين الثنتين والتسع من الإناث دون الذكور، قال:
* ذود ثلاث بكرة ونابان * غير الفحول من ذكور البعران * ويجمع على أذواد. قال سيبويه: وقالوا: ثلاث ذود، فوضعوه موضع أذواد. وقال الفارسي: وهذا على حد قولهم ثلاثة أشياء فإذا وصفت الذود فإن شئت جعلت الوصف مفردا بالهاء على حد ما توصف الأسماء المؤنثة التي لا تعقل في حد الجمع، فقلت: ذود جربة، وإن شئت جمعت فقلت: ذود جراب، ذكره في (المخصص) وفي (المحكم): وقيل: الذود من ثلاث إلى خمس عشرة، وقيل: إلى عشرين. وقال ابن الأعرابي: إلى الثلاثين، ولا يكون إلا من الإناث، وهو مؤنث وتصغيره بغير هاء على غير قياس، وفي (كتاب نعوت الإبل) لأبي الحسن النضر بن شميل بن خرشة المازني ما يدل على أنه ينطلق على الذكور أيضا، وهو قوله: الذود ثلاثة أبعرة، يقال: عند فلان ذود له، وعليه ثلاث ذود، وعليه أذواد له إذا كن ثلاثا فأكثر، وعليه ثلاث أذواد مثله سواء، ويقال رأيت أذواد بني فلان إذا كانت فيما بين الثلاث إلى خمس عشرة. وفي (الجامع) للقزاز. وقول الفقهاء: ليس فيما دون خمس ذود صدقة، إنما معناه خمس من هذا الجنس، وقد أجاز قوم أن يكون الذود واحدا. وفي (الصحاح): الذود مؤنثة لا واحد لها من لفظها. وقال ابن قتيبة: ذهب قوم إلى أن الذود واحد، وذهب آخرون إلى أنه جمع، وهو المختار. واحتج بأنه: لا يقال خمس ذود، كما لا يقال: خمس ثوب، وقال أبو عمر: هذا ليس بشيء، وقال ابن مزين: الذود الجمل الواحد، وقال أبو زياد الكلابي في (كتاب الإبل) تأليفه: والثلاث من الإبل ذود، وليس الثنتان بذود إلى أن تبلغ عشرين، وسمى الذود لأنه يذاد أي يساق، ثم الرواية المشهورة: خمس ذود، بالإضافة، وروي بتنوين خمس، ويكون ذود بدلا منه، وبزيادة التاء في خمس نظرا إلى أن الذود يطلق على المذكر والمؤنث، وتركوا القياس في الجمع كما قالوا: ثلاثمائة، قيل: وإنما جاز لأنه في معنى الجمع كقوله: تسعة رهط، لأن فيه معنى الجمعية.
قوله: (أوسق) جمع: وسق، بكسر الواو وفتحها، والفتح أشهر. والوسق: حمل بعير، وقيل: هو ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو الحمل عامة، والجمع أوسق ووسوق ووسق البعير، وأوسقه أوقره ذكره ابن سيده. وفي (الجامع): الجمع أوساق والوسق العدل. وفي (الصحاح): الوسق حمل البغل والحمار. وفي (الغريبين): هو مائة وستون منا. وفي (المثنى) لابن عديس: وقيل: الوسق العدلان. وفي (مجمع الغرائب): خمسة أوسق ثمانمائة من، وروى أبو داود من حديث أبي البختري العلائي عن أبي سعيد الخدري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة، والوسق ستون مختوما). ثم قال أبو داود: أبو البختري لم يسمع من أبي سعيد، وأشار به إلى أنه منقطع. وقال عبيد: المختوم الصاع، إنما سمي مختوما لأن الأمراء جعلت
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»