عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٦٣
قوله إن شئت تنحيت، من التنحي، وهو التباعد. وفي رواية الطبري: (فقال له: تنح قريبا. قال: والله لن أدع ما كنت أقوله). وفي رواية ابن مردويه من طريق ورقاء عن حصين بلفظ: (فوالله لا أدع ما قلت). قوله: (ولو أمروا علي) من التأمير. قوله: (حبشيا)، وفي رواية ورقاء (عبدا حبشيا)، أراد لو أمر الخليفة عبدا حبشيا لسمعت أمره وأطعت قوله، وروى أحمد وأبو يعلى من طريق أبي حرب بن أبي الأسود عن عمه عن أبي ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (كيف تصنع إذا أخرجت منه؟) أي: من المسجد النبوي؟ (قال: آتي الشام. قال: كيف تصنع إذا أخرجت منها؟ قال أعود إليه) أي: إلى المسجد النبوي. (قال: كيف تصنع إذا أخرجت منه؟ قال أضرب بسيفي. قال: ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك وأقرب رشدا؟ تسمع وتطيع وتنساق لهم حيث ساقوك).
ذكر ما يستفاد منه: فيه: جواز الأخذ للإنسان بالشدة في الأمر بالمعروف وإن أدى ذلك إلى فراق وطنه. وفيه: أنه يجوز للإمام أن يخرج من يتوقع ببقائه فتنة بين الناس. وفيه: ترك الخروج على الأئمة والانقياد لهم، وإن كان الصواب في خلافهم. وفيه: جواز الاختلاف والاجتهاد في الآراء، ألا ترى أن عثمان ومن كان بحضرته من الصحابة لم يردوا أبا ذر عن مذهبه، ولا قالوا: إنه لا يجوز لك اعتقاد قولك، لأن أبا ذر نزع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد به، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير..) وذلك حين أنكر على أبي هريرة نصل سيفه استشهد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها). وهذا حجة في أن الاختلاف في العلم باق إلى يوم القيامة لا يرتفع إلا بالإجماع، وفيه ملاطفة الأئمة العلماء فإن معاوية لم يجسر على الإنكار على أبي ذر حتى كاتب من هو أعلى منه في أمر دينه. وفيه: أن عثمان لم يخف على أبي ذر مع كونه مخالفا له في تأويله.
7041 حدثنا عياش قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف ابن قيس. قال جلست (ح) وحدثني إسحاق بن منصور قال أخبرنا عبد الصمد. قال حدثني أبي قال حدثنا الجريري قال حدثنا أبو العلاء بن الشخير أن الأحنف بن قيس حدثهم. قال جلست إلي ملاء من قريش فجاء رجل خشن الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم ثم قال بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتزلزل ثم ولى فجلس إلى سارية وتبعته وجلست إليه وأنا لا أدري من هو فقلت له لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت قال إنهم لا يعقلون شيئا. قال لي خليلي قال قلت من خليلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أتبصر أحدا قال فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسلني في حاجة له قلت نعم قال ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير وإن هاؤلاء لا يعقلون إنما يجمعون الدنيا لا والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنه وعيد للكانزين الذين لا يؤدون الزكاة، ويفهم منه الذي يؤديها لا يطلق عليه اسم الكانز المستحق للوعيد، ولا الذي معه يسمى كنزا، لأنه أدى زكاته فدخل تحت الترجمة من هذا الوجه. فافهم.
ذكر رجاله: وهم ثمانية: الأول: عياش، بتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة: ابن الوليد الرقام البصري مر في كتاب الغسل في: باب الجنب يخرج. الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو محمد السامي، بالسين المهملة. الثالث: سعيد
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»