على أعلاه خاتما مطبوعا لئلا يزاد فيه ولا ينقص منه، وروى أبو داود أيضا عن إبراهيم، قال: الوسق ستون صاعا مختوما بالحجازي، وحكاه في (المصنف): عن ابن عمر من رواية ليث بن أبي سليم، وعن الحسن بسند صحيح، وعن أبي قلابة بسند صحيح، وعن الشعبي والزهري وسعيد بن المسيب بأسانيد جياد.
ذكر ما يستفاد منه: وهو على ثلاثة فصول:
الأول: هو قوله: (ليس فيما دون خمسة أواق صدقة)، وفيه: بيان نصاب الفضة وهو خمسة أواق، وهي مائتا درهم. لأن كل أوقية أربعون درهما، وحدد الشرع نصاب كل جنس بما يحتمل المواساة، فنصاب الفضة خمس أواق وهو مائتا درهم بنص الحديث والإجماع، وأما الذهب فعشرون مثقالا، والمعول فيه على الإجماع إلا ما روي عن الحسن البصري والزهري أنهما قالا: لا يجب في أقل من أربعين مثقالا، والأشهر عنهما الوجوب في عشرين مثقالا كما قاله الجمهور. وقال القاضي عياض: وعن بعض السلف وجوب الزكاة في الذهب إذا بلغت قيمته مائتي درهم وإن كان دون عشرين مثقالا. قال هذا القائل: ولا زكاة في العشرين حتى تكون قيمتها مائتي درهم. ثم إذا زاد الذهب أو الفضة على النصاب اختلفوا فيه. فقال مالك والليث والثوري والشافعي وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد وعامة أهل الحديث: إن فيما زاد من الذهب والفضة ربع العشر في قليله وكثيره ولا وقص، وروي ذلك عن علي وابن عمر، رضي الله تعالى عنهم. وقال أبو حنيفة وبعض السلف: لا شيء فيما زاد على مائتي درهم حتى يبلغ أربعين درهما ولا فيما زاد على عشرين دينارا حتى يبلغ أربعة دنانير، فإذا زادت ففي كل أربعين درهما درهم، وفي كل أربعة دنانير درهم، فجعل لهما وقصا كالماشية. وقال النووي: واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: (في الرقة ربع العشر)، والرقة الفضة، وهذا عام في النصاب وما فوقه بالقياس على الحبوب، ولأبي حنيفة حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قلت: أشار بهذا إلى ما روى الدارقطني في (سننه) من طريق ابن إسحاق عن المنهال بن جراح عن حبيب بن نجيح عن عبادة بن نسي عن معاذ، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره حين وجهه إلى اليمن أن لا يأخذ من الكسر شيئا إذا كانت الورق مائتي درهم فخذ منها خمسة دراهم، ولا تأخذ مما زاد شيئا حتى يبلغ أربعين درهما، فإذا بلغت أربعين درهما فخذ منها درهما). قال الدارقطني: المنهال ابن جراج وهو أبو العطوف متروك الحديث، وكان ابن إسحاق يقلب اسمه إذا روى عنه، وعبادة بن نسي لم يسمع من معاذ. انتهى. وقال النسائي: المنهال بن الجراح متروك الحديث، وقال ابن حبان: كان يكذب، وقال عبد الحق في أحكامه: كان مكذابا. وفي (الإمام) قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: متروك الحديث واهية لا يكتب حديثه. وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث ضعيف جدا. قلت: ذكر البيهقي هذا الحديث في: باب ذكر الخبر الذي روى في وقص الورق ، ثم اقتصر عليه لكون الباب مقصود البيان مذهب خصمه.
وفي الباب حديثان: أحدهما: ذكره البيهقي في: باب فرض الصدقة، وهو كتابه، صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه إلى اليمن مع عمرو بن حزم، وفيه: (وفي كل خمس أواقي من الورق خمسة دراهم، وما