وهو سعيد بن كثير بن عفير بن مسلم بن يزيد ابن حبيب بن الأسود، أبو عثمان البصري، سمع مالكا، وابن وهب والليث وآخرين، روى عنه محمد بن يحيى الذهلي والبخاري، وروى مسلم والنسائي عن رجل عنه، وقال ابن حاتم في كتاب (الجرح والتعديل): سمعت منه، أي: وقال: لم يكن بالثبت، كان يقرأ من كتب الناس وهو صدوق. وقال المقدسي: وكان سعيد بن عفير من أعلم الناس بالأنساب والأخبار الماضية والتواريخ والمناقب أديبا فصيحا، حاضر الحجة مليح الشعر، توفي سنة ست وعشرين ومائتين. الثاني: عبد الله بن وهب بن مسلم البصري، أبو محمد القرشي الفهري، مولى يزيد بن رمانة، مولى أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري. سمع مالكا والليث والثوري وابن أبي ذئب وابن جريج وغيرهم، وذكر بعضهم أنه روى عن نحو أربعمائة رجل، وأن مالكا لم يكتب إلى أحد: الفقيه إلا إليه، وقال أحمد: هو صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والتحديث من الحديث، ما أصح حديثه وما أثبته. وقال يحيى بن معين: ثقة. وقال ابن أبي حاتم: نظرت في نحو ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر وغير مصر، فلا أعلم أني رأيت حديثا لا أصل له. وقال: صالح الحديث صدوق. وقال أحمد بن صالح: حدث بمائة ألف حديث، وقال ابن بكير بن وهب: أفقه من ابن القاسم، ولد في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل: سنة أربع، وفيها مات الزهري، وتوفي بمصر سنة سبع وتسعين ومائة، لأربع بقين من شعبان، روى له الجماعة، وليس في (الصحيحين) عبد الله بن وهب غيره، فهو من أفرادهما، وفي الترمذي وابن ماجة: عبد الله بن وهب الأسدي تابعي، وفي النسائي: عبد الله بن وهب عن تميم الداري، وصوابه: ابن موهب، وفي الصحابة عبد الله بن وهب خمسة. الثالث: يونس بن يزيد الأيلي، وقد تقدم. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وقد تقدم. الخامس: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، وقد تقدم. السادس: معاوية بن أبي سفيان: صخر بن حرب الأموي، كاتب الوحي، أسلم عام الفتح، وعاش ثمانيا وسبعين سنة، ومات سنة ستين في رجب، ومناقبه جمة، وفي آخر عمره أصابته لقوة، روي له عن رسول الله، عليه السلام، مائة حديث وثلاثة وستون حديثا، ذكر البخاري منها ثمانية، ومسلم خمسة، واتفقا على أربعة أحاديث. روى له الجماعة، وليس في الصحابة معاوية بن صخر غيره، وفيهم معاوية فوق العشرين.
بيان الطائف إسناده: منها: أن فيه التحديث والعنعنة والسماع. ومنها: أن رواته ما بين بصري وايلي ومدني. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي. ومنها: أنه قال في هذا الإسناد وعن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن، ولم يذكر فيه لفظ السماع. وهكذا هو في جميع النسخ من البخاري، وجاء في مسلم فيه عن ابن شهاب حدثني حميد بلفظ التحديث، وقد اتفق أصحاب الأطراف وغيرهم على أنه من حديث ابن شهاب عن حميد المذكور. قال الشيخ قطب الدين: فلا أدري لم قال فيه: قال حميد، مع الاتفاق على تحديث ابن شهاب عن حميد المذكور. قلت: يمكن أن يكون ذلك لأجل شهرة تحديث ابن شهاب عنه بهذا الحديث اقتصر فيه على هذا القول، ولهذا قال في باب الاعتصام: عن ابن شهاب، أخبرني حميد. وللبخاري عادة بذلك. وقد قال في كتاب التوكيل في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رجل آتاه الله القرآن)، فقال فيه: حدثنا علي بن عبد الله، ثنا سفيان قال الزهري... وذكر الحديث، ثم قال: سمعت من سفيان مرارا، لم أسمعه يذكر الخبر، وهو من صحيح حديثه، لكن يمكن أن يقال: سفيان مدلس، فلذلك نبه عليه البخاري.
بيان اللغات: قوله: (من يرد الله)، بضم الياء، مشتق من الإرادة، وهي عند الجمهور صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع، وقيل: إنها اعتقاد النفع أو الضر، وقيل: ميل يتبعه الاعتقاد، وهذا لا يصح في الإرادة القديمة. قوله: (خيرا) أي: منفعة، وهو ضد: الشر، وهو اسم ههنا، وليس بافعل التفضيل. قوله: (يفقهه)، أي يجعله فقيها في الدين. والفقه لغة: الفهم، وعرفا: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال، ولا يناسب هنا إلا المعنى اللغوي ليتناول فهم كل علم من علوم الدين. وقال الحسن البصري: الفقيه هو الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، والبصير بأمر دينه، المداوم على عبادة ربه. وقال ابن سيده في (المخصص): فقه الرجل فقاهة وهو فقيه من قوم فقهاء، والأنثى فقيهة. وقال بعضهم: فقه الرجل فقها وفقها وفقها، ويعدى فيقال: فقهته، كما يقال علمته. وقال سيبويه: فقه فقها وهو فقيه كعلم علما وهو عليم، وقد افقهته وفقهته: علمته وفهمته، والتفقه تعلم الفقه، وفقهت عليه فهمت، ورجل فقه وفقيه، والأنثى فقهة.
ويقال للشاهد: كيف فقاهتك